للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقيّ (١)، وابن أبي شيبة، والبزّار، ولفظ ابن حبّان، والبزار، والبيهقيّ: "ضيّقت عليه جهنم هكذا، وعقد تسعين"، وأخرجه أيضاً الطبرانيّ، قال الهيثميّ (٢): رجاله رجال الصحيح.

قال الحافظ: ظاهره أنها تضيّق عليه حصراً له فيها لتشديده على نفسه، وحمله عليها، ورغبته عن سنة نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد، فيكون حراماً. انتهى.

وقال ابن التركماني: ظاهر هذا الحديث يقتضي المنع من صوم الدهر، وقد أورده ابن أبي شيبة في "باب من كره صوم الدهر"، واستدلّ به ابن حزم على المنع، وقال: إنما أورده رواته كلهم على التشديد، والنهيِ عن صومه، وقال ابن حبّان في "صحيحه": ذكر الأخبار عن نفي جواز سرد المسلم صوم الدهر"، وذكر هذا الحديث.

واستدلّ للمنع أيضاً بما روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي عمرو الشيبانئ، قال: بلغ عمر أن رجلاً يصوم الدهر، فأتاه، فعلاه بالدّرّة، وجعل يقول: كُلْ يا دهريّ، قال ابن حزم: قد صحّ عن عمر تحريم صيام الدهر، كما رويناه، فذكر هذا الأثر، ثم قال: هذا في غاية الصحّة عنه، فصحّ أن تحريم صوم الدهر كان من مذهبه، ولو كان عنده مباحاً لما ضرب فيه، ولا أمر بالفطر. انتهى.

وبما روى ابن أبي شيبة أيضاً من طريق أبي إسحاق أن عبد الرحمن بن أبي نُعْم كان يصوم الدهر، فقال عمرو بن ميمون: لو رأى هذا أصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم - لرجموه.

وبما روى الطبرانيّ عن عمرو بن سلمة، قال: سئل ابن مسعود عن صوم الدهر؟ فكرهه، قال الهيثميّ: إسناده حسن.

وذهب آخرون إلى استحباب صيام الدهر من قوي عليه، ولم يفوّت فيه


(١) "السنن الكبرى" ٤/ ٣٠٠.
(٢) "مجمع الزوائد" ٣/ ١٩٣.