للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على القدر الذي لا يُخلّ بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "فالأولى له الاستكثار ما أمكنه إلخ" فيه نظر، بل الأولى له التقيّد بما صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - من عدم تجاوز الثلاث، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ في موضع آخر: وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعُرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق، وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال، أو في المآل.

وأغرب بعض الظاهريّة، فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أقلّ من ثلاث. وقال النوويّ: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوّة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذا الكلام نظر من أوجه:

(أحدها): أن قوله: وكأن النهي ليس للتحريم، وتشبيهه بالأمر غير صحيح؛ لأنه ليس هنا قرينة تدلّ على أنه ليس للتحريم، بل القرائن كلها إنما تدلّ على عدم كون الأمر للوجوب، كما لا يخفى من تأمل.

و (الثاني): قوله: "وأغرب بعض الظاهرية إلخ" هذا عجيب منه، فهل يوصف من كان ظاهر النصوص معه بأنه يُغرب؟ بل الذي يُغرب هو الذي خالف ظواهر النصوص المتقدّمة، وتأولها بما يخرجها عن موضوعها.

(والحالث): قول النوويّ: إنما هو بحسب النشاط، والقوّة عجيب أيضاً، فهل هناك نشاط أكثر من نشاط عبد الله بن عمرو الذي شدّد، فشدّد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه، فنهاه أن يقرأ في أقلّ من ثلاث؟، وهل بعد صحة قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن مسعود -: "لا تقرؤوه في أقلّ من ثلاث" مجال لتعليق الأمر على النشاط؟ فهيهات هيهات.

(والرابع): قوله أيضًا: "أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك" غريبٌ، فهل كثرة القائلين مع مخالفة النصّ الصريح لهم تكون حجة؟ كلّا، وإنما الحجة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقرؤوا القرآن في أقلّ من ثلاث"، فقط، وأما