للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (وَصُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَوْماً … إلخ) هذا في معنى الرواية السابقة: "صم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها" وذلك قوله في الرواية الأخرى: "صم يوماً، ولك أجر ما بقي" على ما يأتي، وهذا الاختلاف وشبهه من باب النقل بالمعنى (١).

وقوله: (وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى) تنبيه على أن صوم يوم، وفطر يوم لا يُضعف مُلتزمه، بل يحفظ قوّته، ويجد من الصوم مشقّته، كما قدّمناه، وذلك بخلاف سرد الصوم، فإنه يُنهِك البدن والقوّة، وُيزيل رُوح الصوم؛ لأنه يعتاده، فلا يبالي، ولا يجد له معنى (٢).

وقوله: (مَنْ لِي بِهَذِهِ) معناه: هذه الخصلة الأخيرة، وهي عدم الفرار صعبة عليّ، كيف لي بتحصيلها (٣).

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: فيه إشارة إلى استبعاد عدم الفرار، وتمنٍّ أن لو كانت له القوّة، ومعنى قوله: من لي بهذا الشيء؟ أي من يتكفّل لي؟ أو من يُحصله لي؟.

وقوله: (قَالَ عَطَاءٌ: فَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ) أي أن عطاء لم يحفظ كيف جاء ذكر صيام الأبد في هذه القصّة، إلا أنه حَفِظ أن فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صام من صام الأبد" (٤).

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: هو شكٌّ عرض للراوي، ثم قال بعد أن عرض له ذلك الشك: "لا صام من صام الأبد"، فأتى بصوم الأبد على هذا اللفظ من غير شك ولا تردد، بل حقق نقله، وحرر لفظه.

وأما الذي تقدم في حديث أبي قتادة، فإنه شكَّ في أي اللفظين قال، فذكرهما، فقال فيه: قال: يا رسول الله" كيف من يصوم الدهر؟! قال: "لا صام، ولا أفطر أو: "لم يصم، ولم يفطر". وقد تقدم القول في صوم الدهر. انتهى (٥).


(١) "المفهم" ٣/ ٢٢٥.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٢٦.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ٤٥.
(٤) "الفتح" ٥/ ٣٩٩.
(٥) "المفهم" ٣/ ٢٢٦ - ٢٢٧.