للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَى) بفتح الهمزة الظاهر أنه بمعنى أعلم، ويَحْتَمِل أنه من الرؤية البصرية مجازاً، قاله وليّ الدين -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

(رُؤْيَاكُمْ) أي في المنام، قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللهُ-: والمشهور اختصاص الرؤيا بالمنام، فلا تُستَعْمَل في غيره، وذكر بعضهم أنها تُستعمل مصدراً و"رَأَى" مطلقاً، ولو كانت في اليقظة، وهي هنا للمنام قطعاً. انتهى.

وقال في "الفتح": قوله: "رؤياكم" قال عياض: كذا جاء بإفراد الرؤيا، والمراد مرائيكم؛ لأنها لم تكن رؤيا واحدة، وإنما أراد الجنس، وقال ابن التين: كذا روي بتوحيد الرؤيا، وهو جائز؛ لأنها مصدر، قال: وأفصح منه رُؤَاكم: جمع رؤيا؛ ليكون جمعاً في مقابلة جمع. انتهى (٢).

(قَدْ تَوَاطَأَتْ) أي توافقت، والمواطأةُ: الموافقة، كأن كُلًّا منهما وَطِئ ما وَطِئه الآخر، ورُوي "تَوَاطَتْ" بترك الهمز، قاله وليّ الدين (٣).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "قد تواطأت": أي توافقت، وهكذا هو في النسخ بطاء، ثم تاء، وهو مهموز، وكان ينبغي أن يكتب بألف بين الطاء والتاء صورة للهمزة، ولا بدّ من قراءته مهموزاً، قال الله تعالى: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: ٣٧]. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": قوله: "تواطأت" بالهمزة: أي توافقت وزناً ومعنى، وقال ابن التين: رُوي بغير همز، والصواب بالهمز، وأصله أن يطأ الرجل برجله مكان وطء صاحبه، وفي هذا الحديث دلالة على عِظَم قدر الرؤيا، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية بشرط أن لا يخالف القواعد الشرعية. انتهى (٥).

(فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ) أي عليها، وهو متعلّق بـ "تواطأت"، قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: السبع الأواخر يَحْتَمِل أن يراد بها السبع التي تلي آخر الشهر،


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٤/ ١٤٢.
(٢) "الفتح" ٥/ ٤٥٤.
(٣) "طرح التثريب" ٤/ ١٤٩.
(٤) "شرح النوويّ" ٨/ ٥٨.
(٥) "الفتح" ٥/ ٤٥٤.