الموعود به، وفرّعوا على القول باشتراط العلم بها أنه يختص بها شخص دون شخص، فيُكْشَف لواحد، ولا يكشف لآخر، ولو كانا معًا في بيت واحد.
قال الجامع عفا الله عنه: تفسير "يوافقها" بالعلم محلّ نظر، بل الأقرب أنه الموافقة بمعنى كون الشخص موفّقًا لقيامها، فتأمل.
وقال الطبريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في إخفاء ليلة القدر دليل على كَذِب من زعم أنه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السنة؛ إذ لو كان ذلك حقًّا لَمْ يخْفَ على كلّ من قام ليالي السنة فضلًا عن ليالي رمضان.
وتعقبه ابن الْمُنَيِّر - رَحِمَهُ اللهُ - في "الحاشية" بأنه لا ينبغي إطلاق القول بالتكذيب لذلك، بل يجوز أن يكون ذلك على سبيل الكرامة لمن شاء الله من عباده، فيختص بها قوم دون قوم، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يحصر العلامة، ولم ينف الكرامة، وقد كانت العلامة في السنة التي حكاها أبو سعيد نزول المطر، ونحن نَرَى كثيرًا من السنين ينقضي رمضان دون مطر، مع اعتقادنا أنه لا يخلو رمضان من ليلة القدر، قال: ومع ذلك فلا نعتقد أن ليلة القدر لا ينالها إلَّا من رأى الخوارق، بل فضل الله واسع، ورب قائم تلك الليلة لَمْ يحصل منها إلَّا على العبادة، من غير رؤية خارق، وأَخر رأى الخارق من غير عبادة، والذي حصل على العبادة أفضل، والعبرة إنما هي بالاستقامة، فإنها تستحيل أن تكون إلَّا كرامة، بخلاف الخارق، فقد يقع كرامة، وقد يقع فتنة، والله أعلم. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٧٦٢]( … ) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ").
رجال هذا الإسناد: أربعة:
١ - (عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ) العَدَويّ مولى ابن عمر، أبو عبد الرَّحمن المدنيّ، ثقةٌ [٤](ت ١٢٧)(ع) تقدم في "الإيمان" ١٤/ ١٦٠.