للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى تصوير ليلة القدر في كلّ ليلة من ليالي العشر الأخير دون الأولين. انتهى (١).

(فَإِذَا كَانَ مِنْ حِينِ تَمْضِي) اسم "كان" ضمير يعود إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، و"من" بمعنى "في"، كما قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} الآية: [الجمعة: ٩]، والجار والمجرور خبرها، و"حين" مضاف إلى جملة "يَمْضِي"، ويجوز إعرابه، وبناؤه على الأصح، فيُجرّ بالكسرة، وُيبنى على الفتح، لإضافته إلى فعل معرب، كما قال ابن مالك:

وَابْنِ أَوَ أعْرِبْ مَا كَإِذْ قَدْ أُجْرِيَا … وَاخْتَرْ بِنَا مَتْلُوِّ فِعْلٍ بُنِيَا

وَقَبْلَ فِعْلٍ مُعْرَبٍ أَوْ مُبْتَدَا … أَعْرِبْ وَمَنْ بَنَى فَلَنْ يُفَنَّدَا

أي: فإذا كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقت مضيّ عشرين ليلة من رمضان.

وَيحْتَمِل أن تكون "كان" تامّة، و"من" زائدة على رأي بعض النحاة في زيادتها في الإثبات، و"حين" فاعل "كان"، وقوله: (عِشْرُونَ) بالرفع على الفاعليّة لـ "يمضي"، و (لَيْلَةً) منصوب على التمييز؛ أي إذا جاء وقت مضيّ الليلة العشرين من رمضان.

وفي رواية البخاريّ: "فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلةً تمضي".

وقوله: (وَيَسْتَقْبِلُ) عطف على جملة "تمضي" إلَّا أن الفاعل ضمير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: واستقبال إحدى وعشرين منه، وقوله: (اِحْدَى وَعِشْرِينَ) منصوب على المفعوليّة لـ"يستقبل"، يقال: استَقْبلتُ الشيءَ: إذا واجههته، فهو مُسْتَقْبَلٌ، وقوله: (يَرْجعُ) جواب "إذا"، ولفظ البخاريّ: "رَجع"، وهو المناسب للسياق (إِلَى مَسْكَنِهِ) بفتح الميم، والكاف: أي يرجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته (وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ) "من" فاعل "رجع"؛ أي: رجع من كان يعتكف مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، من أزواجه، وأصحابه - رضي الله عنهم -.

والمعنى: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكان من هديه في رمضان أنه يعتكف العشر الأوسط منه طلبًا لليلة القدر، فإذا مضى عشرون ليلة من رمضان رجع إلى بيته؛


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٢٣.