رواية عمر بن نافع، عن أبيه:"أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا"، وفي رواية أيوب، عن نافع:"نادى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: ما نلبس إذا أحرمنا".
وهذا مشعر بأن السؤال عن ذلك كان قبل الإحرام.
وقد حَكَى الدارقطنيّ، عن أبي بكر النيسابوريّ أن في رواية ابن جريجٍ، والليث، عن نافع أن ذلك كان في المسجد، قال الحافظ: ولم أر ذلك في شيء من الطرق عنهما، نعم أخرج البيهقيّ ٥/ ٤٩ من طريق عبد الله بن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قام رجل من هذا الباب -يعني بعض أبواب مسجد المدينة -، فقال: يا رسول الله ما يلبس المحرم؟
و ٥/ ٤٩ من طريق حمّاد بن زيد، عن أيوب، ومن طريق عبد الوهّاب بن عطاء، عن عبد الله بن عون، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر: نادى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يخطب بذلك المكان - وأشار نافع إلى مقدّم المسجد - فذكر الحديث. فظهر أن ذلك كان بالمدينة.
ووقع في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند الشيخين: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات، فقال:"من لَمْ يجد الإزار … " الحديث، فيحمل على التعدّد، ويؤيّده أن حديث ابن عمر أجاب به السائل، وحديث ابن عبّاس ابتدأ به في الخطبة. انتهى (١).
(مَا يَلْبَسُ)"ما" استفهاميّة، أو موصولة، أو موصوفة في محلّ نصب مفعول ثان لـ "سأل"، و"يلبس" بفتح المثنّاة، والموحّدة، من اللبس بضم اللام، يقال: لَبِس الثوب يلبسه، من باب علم يعلم لُبْسًا بالضمّ، وأما اللبس بفتح اللام، فهو مصدر لَبَستُ عليه الأمرَ ألبِسه، من باب ضرب: إذا خلطت عليه، ومنه اشتباهه، ولا يناسب هنا.
وقوله:(الْمُحْرِمُ) أجمعوا على أن المراد به الرجل، لا المرأة؛ لأنَّها لا تُمنع من لبس هذه الأنواع. قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: أجمعوا على أن للمرأة لبس