جميع ما ذُكر، وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسّه الزعفران، أو الورس، وسيأتي الكلام على ذلك، إن شاء الله تعالى.
وقوله:(مِنَ الثِّيَابِ؟) أي: من أنواع الثياب، وهو بيان لـ "ما"، أو للمسؤول عنه.
[تنبيه]: قوله: "ما يلبس المحرم من الثياب إلخ" هذا هو المشهور في الرواية عن نافع، عن ابن عمر، وقد رواه أبو عوانة من طريق ابن جريجٍ، عن نافع، بلفظ:"ما يترك المحرم". قال الحافظ: وهي شاذّة، والاختلاف فيها على ابن جريجٍ، لا على نافع.
وأخرجه أحمد ٢/ ٨ عن سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عن سالم، عن ابن عمر، فقال مرّةً:"ما يترك؟ " ومرّةً: "ما يلبس".
وأخرجه أبو داود، عن ابن عيينة بلفظ:"ما يترك؟ " من غير شكّ. ورواه سالم، عن ابن عمر بلفظ:"أن رجلًا قال: ما يجتنب المحرم؟ ".
وأخرجه أحمد ٢/ ٣٤، وابن خزيمة، وأبو عوانة في "صحيحيهما" من طريق عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، عنه.
وأخرجه البخاريّ في أواخر الحجِّ من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهريّ بلفظ نافع، فالاختلاف فيه على الزهريّ يُشعر بأن بعضهم رواه بالمعنى، فاستقامت رواية نافع؛ لعدم الاختلاف فيها.
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَلْبَسُوا) "لا" ناهية، ولذا جُزم الفعل بها، كذا هو في رواية نافع بالخطاب، وواو الجماعة، وفي رواية سالم التالية: "لا يلْبَس المحرم القميص"، وهو بالرفع على الخبر على الأشهر، وهو في معنى النهي، وروي بالجزم على أنه نهي.
وهذا الجواب مطابق للسؤال على إحدى الروايتين، وهي قول السائل: "ما يترك المحرم؟ " أو "ما يجتنب المحرم؟ " وأما على الرواية المشهورة؛ أي: قول السائل: "ما يلبس المحرم"، فإن المسؤول عنه ما يلبسه المحرم، فأجيب بذكر ما لا يلبسه، والحكمة فيه أن ما يجتنبه المحرم، ويمتنع عليه لبسه محصور، فذِكْرُه أولي، ويبقى ما عداه على الإباحة، بخلاف ما يُباح لبسه، فإنه كثير، غير محصور، فذكره تطويل، وفيه تنبيه على أن السائل لَمْ يُحسن