(فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ) وفي نسخة: "فليلبس خفّين" بالتنكير (وَلْيَقْطَعْهُمَا) ظاهر الأمر للوجوب، لكنه لما شُرع للتسهيل لَمْ يناسب التثقيل، وإنما هو للرخصة، قاله في "الفتح"، وهو محلّ تأمّل، وهو تعالى أعلم.
(أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ)"أسفل" ظرف لـ "يقطع"، وفي رواية سالم:"حتى يكونا أسفل من الكعبين"؛ يعني أن فاقد النعلين إذا أراد أن يلبس الخفين يقطعهما بحيث يصير الكعبان، وما فوقهما من الساق مكشوفًا، لا قطع موضع الكعبين فقط.
قال في "الفتح": والمراد كشف الكعبين في الإحرام، وهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم.
ويؤيّده ما روى ابن أبي شيبة، عن جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: إذا اضطرّ المحرم إلى الخفّين خرق ظهورهما، وترك فيهما قدر ما يستمسك رجلاه.
وقال محمد بن الحسن، ومن تبعه من الحنفيّة: الكعب هنا هو العظم الذي في وسط القدم عند معقد الشراك، وقيل: إن ذلك لا يُعرف عند أهل اللغة، وقيل: إنه لا يثبت عن محمد، وإن السبب في نقله عنه أن هشام بن عبيد الله الرازيّ سمعه يقول في مسألة المحرم إذا لَمْ يجد النعلين حيث يقطع خفيه، فأشار محمد بيده إلى موضع القطع، ونقله هشام إلى غسل الرجلين في الطهارة، وبهذا يتعقّب على من نقل عن أبي حنيفة كابن بطّال أنه قال: إن الكعب هو الشاخص في ظهر القدم، فإنه لا يلزم من نقل ذلك عن محمد بن الحسن - على تقدير صحّته عنه - أن يكون قول أبي حنيفة. ونقل عن الأصمعيّ، وهو قول الإماميّة أن الكعب عظم مستدير تحت عظم الساق حيث مفصل الساق والقدم، وجمهور أهل اللغة على أن في كلّ قدم كعبين.
وظاهر الحديث أنه لا فدية على من لبسهما؛ إذا لَمْ يجد النعلين، وعن الحنفيّة تجب. وتُعُقّب بأنها لو وجبت لبيّنها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأنه وقت الحاجة.