للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مع اعتقاده أن الفعل يجب عليه باطنًا وظاهرًا، فلا يكون فعل الصلاة أصعب عليه من احتمال القتل قط. انتهى (١).

وقال أيضًا في موضع آخر: فأما من كان مصرًّا على تركها لا يصلي قطّ، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلمًا، بل أكثر الناس يصلّون تارةً، ويتركونها تارةً، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في "السنن"، حديث عبادة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خمس صلوات كتبهنّ الله على العباد في اليوم والليلة، من حافظ عليهنّ، كان له عهد عند الله أن يُدخله الجنة، ومن لم يُحافظ عليهنّ لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له".

فالمحافظ عليها الذي يُصلّيها في مواقيتها، كما أمر الله تعالى، والذي ليس يؤخّرها أحيانًا عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة الله تعالى، قد يكون لهذا نوافل تكمّل بها فرائضهم، كما جاء في الحديث. انتهى (٢).

وقال في "شرح العمدة": فأما إذا لم يُدْعَ، ولم يمتنع فهذا لا يجري عليه شيء من أحكام المرتدّين في شيء من الأشياء، ولهذا لم يُعلم أن أحدًا من تاركي الصلاة تُرك غسله، والصلاة عليه، ودفنه مع المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا إهدار دمه بسبب ذلك، مع كثرة تاركي الصلاة في كلّ عصر، والأمة لا تجتمع على ضلالة، وقد حَمَل بعض أصحابنا أحاديث الرجاء على هذا الضرب.

[فإن قيل]: فالأدلّة الدالّة على تكفيره عامّة عُمُومًا مقصودًا، وإن حملتموها على هذه الصور كما قيل قلّت فائدتها، وإدراك مقصودها الأعظم، وليس في شيء منها هذه القيود.

[قلنا]: الكفر على قسمين:

[قسم]: تنبني عليه أحكام الدنيا، من تحريم المناكح، والذبائح، ومنع التوارث، والعقل، وحِلّ الدم والمال، فهذا إنما يثبت لنا كفره إما بقول يوجب الكفر، أو عمل، مثل السجود للصنم، وإلى غير القبلة، والامتناع عن الصلاة،


(١) "مجموع الفتاوى" ٧/ ٢١٩.
(٢) "مجموع الفتاوى" ٢٢/ ٤٩.