وشبه ذلك، فهذا النوع لا نُرتّبه على تارك الصلاة حتى يحقّق امتناعه الذي هو الترك؛ لجواز أن يكون قد نوى القضاء فيما بعد، أو له عذر، وشبه ذلك.
[والثاني]: ما يتعلّق بأحكام الآخرة، والانحياز عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، واللحاق بأهل الكفر، ونحو ذلك، فهذا قد يجوز على كثير ممن يَدّعي الإسلام، وهم المنافقون الذين أمرُهُم بالكتاب والسنة معلوم الذين قيل فيهم:{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} إلى قوله: {وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[الحديد: ١٣ - ١٤].
فمن لم يصلّ، ولم يُرد أن يصلي قط، ومات على ذلك من غير توبة، فهذا تارك الصلاة، مندرج في عموم الأحاديث، وإن لم يظهر في الدنيا حكم كفره، ومن قال من أصحابنا: لا يُحكم بكفره إلا بعد الدعاء والامتناع، فينبغي أن يُحمل قوله على الكفر الظاهر، فأما كفر المنافقين، فلا يُشترط له ذلك، فإن أحمد وسائر أصحابنا لم يشترطوا لحقيقة الكفر هذا الشرط.
فأما إن أخّرها عن وقتها، وفعلها فيما بعدُ فمات، أو كان ممن يلزمه أن يفعلها فيما بعدُ فمات، فهذا مع أنه فاسقٌ من أهل الكبائر، ليس بكافر، كالأمراء الذي يؤخّرون الصلاة عن وقتها حتى يخرج الوقت، ولذلك أمرنا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن نُصلّي معهم النافلة، ولذلك قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} [الماعون: ٥]: أخّروها حتى يخرج وقتها، ولو تركوها لكانوا كفّارًا.
وهذا الضرب كثير في المسلمين، وهم من أهل الكبائر الذين ادّخرت لهم الشفاعة، وما جاء من الرجاء لمن يتهاون في الصلاة، فإليهم ينصرف، ولهذا قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ومن لم يُحافظ عليها لم يكن له عند الله عهد"، ونفيُ المحافظة لا ينفي الفعل، بخلاف من لم ..... (١) فإنه يكون تاركًا بالكليّة كما تقدّم.
فأما من يترك الصلاة بعض الأوقات لا يقضيها، ولا ينوي قضاءها، أو
(١) قال محقق الكتاب في الحاشية: فراغ في المخطوط، ولعل تقديره: من لم يصلّ مطلقًا. اهـ.