للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أخذ بظاهره الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ -، فجوّز لبس السراويل من غير قطع، وهو الأصحّ عند أكثر الشافعيّة، وهو الحقّ؛ لقوّة دليله، كما سيأتي في المسألة الثالثة - إن شاء اللَّه تعالى -.

والمراد بعدم وجدان الإزار أن لا يقدر على تحصيله، إما لفقده في ذلك الموضع، أو لعدم بذل المالك إياه، أو لعجزه عن الثمن إن باعه، أو الأجرة إن آجره. وهكذا المراد في عدم وجدان النعلين.

(وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ") إعرابه كسابقه؛ يعني أن من فقد النعلين جاز له أن يلبس الخفّين، ولكن تقدّم في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قوله: "وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين"، فيجب على من يلبس الخفّين لفقد النعلين أن يقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين، وبهذا قال الجمهور؛ خلافًا لأحمد.

وقوله: (يَعْنِي الْمُحْرِمَ) العناية من بعض الرواة، ولم يتبيّن لي من هو؟ يعني أن جواز لبس السراويل لمن لَمْ يجد الإزار، والخفّين لمن لَمْ يجد النعلين للمحرم فقط، وأما غيره فلا يشترط في جواز لبسه ذلك عدم وجدان الإزار، والنعلين، بل يجوز له اللبس مطلقًا، والله تعالى أعلم.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "يعني المحرم" هذا صريح في الدلالة للشافعيّ، والجمهور في جواز لبس السراويل للمحرم؛ إذا لَمْ يجد إزارًا، ومنعه مالك؛ لكونه لَمْ يُذكَر في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - السابق، والصواب إباحته لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا، مع حديث جابر - رضي الله عنه - بعده، وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه؛ لأنه ذَكَرَ فيه حالة وجود الإزار، وذَكَر في حديث ابن عباس وجابر - رضي الله عنهم - حالة العدم، فلا منافاة. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم - بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٧٥ - ٧٦.