للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال وليّ الدين: لَمْ يأمر بقطع السراويل عند الإزار، كما في الخفّ، وبه قال أحمد، وهو الأصحّ عند أكثر الشافعيّة.

وقال إمام الحرمين، والغزاليّ: لا يجوز لبس السراويل على حاله، إلَّا إذا لَمْ يتأتّ فتقه، وجعلهْ إزارًا، فإن تأتّى ذلك لَمْ يجز لبسه، وإن لبسه لزمته الفدية.

وقال الخطّابيّ: يُحكى عن أبي حنيفة أنه قال: يشقّ السراويل، ويتّزر به. قال الخطابيّ: والأصل في المال أن تضييعه محرّم، والرخصة إذ جاءت في لبس السراويل، فظاهرها اللبس المعتاد، وستر العورة واجبٌ، فإذا فتق السراويل، واتّزر به، لَمْ تستتر العورة، فأما الخفّ، فإنه لا يغطّي عورةً، وإنما هو لباس رفق، وزينة، فلا يشتبهان، قال: ومرسل الإذن في لباس السراويل إباحة لا تقتضي غرامة. اهـ. انتهى كلام وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن المذهب الصحيح هو ما عليه الجمهور، من جواز لبس السراويل لمن لَمْ يجد الإزار بدون قطع، أو فتق، وأنه لا فدية عليه؛ لحديثي ابن عباس وجابر - رضي الله عنهم - المذكورين في الباب، فقد أباح الشارع لبسه بدون أن يأمر بقطعه، كما أمر في الخفّ، ولم يأمر بالفدية، فجاز لبسه كما هو، ولا تجب الفدية بذلك، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٧٩٥] ( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ (ع) وَحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ).


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٥٢.