للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحلق بصفاتها وهيئاتها، وإظهار التلبية، وغير ذلك مما يشترك فيه الحج والعمرة، ويُخَصّ من عمومه ما لا يدخل في العمرة من أفعال الحج، كالوقوف، والرمي، والمبيت بمنى ومزدلفة، وغير ذلك. انتهى (١).

وفي رواية عمرو التالية: "فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ما كنت صانعًا في حجّك؟ قال: كنت أنرع عني هذه الثياب، وأغسل عنيّ هذا الخلوق، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ما كنت صانعًا في حجك، فاصنعه في عمرتك".

وهذا يدلّ على أن ذلك الرجل كان عالِمًا بصفة الحجِّ دون العمرة قبل ذلك، فلهذا قال له - صلى الله عليه وسلم -: "واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك".

قال ابن العربيّ: كأنهم كانوا في الجاهليّة يخلعون الثياب، ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجّوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن مجراهما واحد.

وقال ابن المنيّر في "الحاشية": قوله: "اصنع": معناه اترك؛ لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم، فيؤخذ منه فائدة حسنة، وهي أن الترك فعل، قال: وأما قول ابن بطّال: أراد الأدعية، وغيرها مما يشترك فيه الحجِّ والعمرة، ففيه نظر؛ لأن المتروك مشتركة، بخلاف الأعمال، فإن في الحجِّ أشياء زائدة على العمرة، كالوقوف، وما بعده.

وقال النوويّ كما قال ابن بطّال، وزاد: ويُسْتَثَنَى من الأعمال ما يختصّ به الحجِّ.

وقال الباجيّ: المأمور به غير نزع الثوب، وغسل الخلوق؛ لأنه صرّح له بهما، فلم يبق إلَّا الفدية.

قال الحافظ: كذا قال، ولا وجه لهذا الحصر، بل الذي تبيّن من طريق أخرى أن المأمور به الغسل والنزع، وذلك أن عند مسلم، والنسائيّ من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، في هذا الحديث: فقال: "ما كنت صانعًا في حجك؟ "، قال: أنزع هذه الثياب، وأغسل عنّي هذا الخلوق، فقال: "ما كنت صانعًا في حجك، فاصنعه في عمرتك". انتهى.


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٧٧ - ٧٨.