للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القاضي: ويحتمل أنه قال له ثلاث مرّات: "اغسله"، فكرّر القول ثلاثًا.

والصواب ما سبق. واللَّه أعلم. انتهى كلام النوويّ.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: صوّب النوويّ كون "ثلاث مرات" من لفظ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو الحقّ، فعلى هذا ففي قوله: "فإن حصلت بمرة كفت، ولم تجب الزيادة" نظر لا يخفي، بل الظاهر لزوم الثلاث، عملًا بظاهر الأمر، فتأمّل. واللَّه تعالى أعلم.

(أَوْ) للشكّ من الراوي (قَالَ: أَثَرَ الْخَلُوقِ) أي: قال: اغسل أثر الخلوق.

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه تحريم الطيب على المحرم ابتداءً ودوامًا؛ لأنه إذا حَرُم دوامًا فالابتداء أولى بالتحريم.

وفيه أن العمرة يحرم فيها من الطيب واللباس وغيرهما من المحرمات السبعة السابقة ما يحرم في الحج.

وفيه أن من أصابه طيبٌ ناسيًا، أو جاهلًا، ثم عَلِمَ وجبت عليه المبادرة إلى إزالته.

وفيه أن من أصابه في إحرامه طيب ناسيًا، أو جاهلًا لا كفّارة عليه، وهذا مذهب الشافعيّ، وبه قال عطاءٌ، والثوريّ، وإسحاق، وداود، وقال مالك، وأبو حنيفة، والمزنيّ، وأحمد في أصح الروايتين عنه: عليه الفدية، لكن الصحيح من مذهب مالك أنه إنما تجب الفدية على المتطيّب ناسيًا، أو جاهلًا إذا طال لبثه عليه. انتهى (١).

(وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ) أي: انزعها فَوْرًا، وأخرجها من رأسك، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه دليلٌ لمالك، وأبي حنيفة، والشافعيّ، والجمهور أن المحرم إذا صار عليه مخيط ينزعه، ولا يلزمه شَقّه، وقال الشعبيُّ، والنخعيّ: لا يجوز نزعه؛ لئلا يصير مُغَطِّيًا رأسه، بل يلزمه شَقّه، وهذا مذهب ضعيف. انتهى (٢).

(وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ") قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه من اجتناب المحرمات، ويَحْتَمِل أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد مع ذلك الطواف، والسعي،


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٧٧.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ٧٧.