للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يورث، ولا يناكَح، حتى أجروا هذه الأحكام على من كفّروه بالتأويل من أهل البدع، وليس الأمر كذلك، فإنه قد ثبت أن الناس كانوا ثلاثة أصناف: مؤمن، وكافر مظهر للكفر، ومنافق مظهر للإسلام، مبطن للكفر، وكان في المنافقين من يعلمه الناس بعلامات ودلالات، بل من لا يشكّون في نفاقه، ومن نزل القرآن ببيان نفاقه، كابن أُبَيّ وأمثاله، ومع هذا فلما مات هؤلاء ورثهم ورثتهم المسلمون، وكان إذا مات لهم ميت آتوهم ميراثه، وكانت تُعصَم دماؤهم حتى تقوم السنة الشرعية على أحدهم بما يوجب عقوبته. انتهى كلامه رحمه الله تعالى (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.

وقد لخّص بعض المحقّقين (٢) كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، فقال: المتتبّع لكلام شيخ الإسلام ابن تيميّة في هذه المسألة يجد الآتي:

١ - أن شيخ الإسلام يكفّر من جحد وجوب الصلاة وإن صلى، وعلى هذا إجماع أهل العلم كما نقله غير واحد.

٢ - أن من أقرّ بوجوبها، لكنه لم يلتزمها، أي يقرّ بأنها لازمة له، فهو كافر أيضًا اتفاقًا، وانظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٩٧ - ٩٨).

٣ - أن من أقرّ بوجوبها، والتزمها، لكنه لم يفعلها بالكلّيّة، فمات، ولم يسجد لله سجدةً، فهو كافر أيضًا باطنًا، طالما أنه يُدْعى إليها، ويُصرّ على الترك، ويرضى بالقتل، انظر: "شرح العمدة" (٢/ ٩٤) مع أنه قد أطلق التكفير، أي في الظاهر والباطن في غير هذا الموضع، انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٤٩) إلا أن يُحمل كلامه هنا على أنه أراد الكفر الباطن، لا الظاهر، فيلتئم الكلام إذًا، والله أعلم.

قال الجامع: هذا التأويل متعيّنٌ؛ لأن شيخ الإسلام قد صرّح به في كثير من المواطن، فينبغي حمل ما أطلقه عليه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

٤ - أنه إذا دُعي إلى الصلاة، وأصرّ على تركها، حتى قُتل، فهو كافر ظاهرًا


(١) "مجموع الفتاوى" ٧/ ٦١٧.
(٢) هو الشيخ الفاضل أبو الحسن المصرفي، ثم اليمانيّ في كتابه "سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة" ص ٢٢٩.