للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وباطنًا، كما مرّ في غير موضع، وانظر: "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٤٨ - ٤٩).

٥ - أن من أقرّ بوجوبها، ولم يفعلها بالكليّة، لكنه عازم على القضاء، فلا يُكفّر باطنًا، ولا ظاهرًا، كما في "شرح العمدة" (٢/ ٩٤). انتهى (١)، وهو تفصيلٌ حسنٌ جدًّا.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يترجّح عندي (٢) أن تارك الصلاة متعمّدًا كافر مطلقًا، كما وردت النصوص الصحيحة الصريحة بذلك، لكن كفره يختلف، فمنه ما يكون كفرًا دون كفر، ومنه ما يكون كفرًا مخرجًا عن الملّة فلا بدّ من تفصيله، على الوجه المذكور.

والحاصل أن تارك الصلاة عمدًا كافرٌ يُقاتل على تركها، لكن إن كان مقرًّا بوجوبها، بل أحيانًا يصلي بعضها، فيكون كفره كفرًا دون كفر، وإن كان جاحدًا لوجوبها، فهو كافر مطلقًا بلا خلاف، وإن كان مقرًّا بوجوبها إلا أنه تارك لها تركًا كلّيًّا عازمًا على تركها فهو كافرٌ مطلقًا أيضًا، وإن كان يصلي بعضًا، ويترك بعضًا، ودعاه الإمام أو من أمره إلى الصلاة، فأبى، وأصرّ على الترك حتى قُتل، فإنه يكون كافرًا مطلقًا أيضًا؛ لأن إصراره على تركها حتى يُقتل دليل على عدم إقراره بوجوبها، وأما إذا تركها، ولم يُدْعَ إليها، ولم يصرّ على تركها حتى القتل، فإنه يكون كافرًا ظاهرًا، لا باطنًا، فيرث ويورث، ويُدفن في مقابر المسلمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم من امتنع من فعل بقيّة الأركان غير الشهادتين:

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه اللهُ: قد تنازع العلماء في تكفير من يترك شيئًا من هذه الفرائض الأربع - يعني الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ - بعد


(١) راجع: "سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة" للشيخ الفاضل أبي الحسن المأربيّ.
(٢) قد سبق لي أن رجّحت في "شرح النسائيّ" أن تارك الصلاة كافر، يُقتل، ولكن كفره كفر دون كفر، من غير تفصيل، ثم ترجّح لديّ الآن التفصيل الذي ذكرته هنا، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.