للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصنّف، وأنه لا يُجيز الإحرام بالحجّ والعمرة من قبل الميقات، ويزيد ذلك وضوحًا ما سيأتي بعد قليل، حيث قال: "باب ميقات أهل المدينة، ولا يُهلّون قبل ذي الحليفة"، وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز، وفيه نظر، فقد نُقل عن إسحاق، وداود، وغيرهما عدم الجواز، وهو ظاهر جواب ابن عمر، ويؤيّده القياس على الميقات الزمانيّ، فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدّم عليه. انتهى المقصود من كلام الحافظ - رحمه الله -.

وقد اعترض العينيّ على كلام الحافظ هذا كعادته بما لا يُلتفت إليه؛ حيث إنه مجرّد تحامل، وتعصّب، فالحقّ هو الذي قرّره الحافظ بأن مذهب الإمام البخاريّ أنه لا يجوز أن يحرم قبل الميقات، فقوله: "ولا يهلّون قبل ذي الحليفة" صريح في كونه لا يرى جواز الإحرام قبل الميقات، وهو الظاهر، وأما ادّعاء الإجماع فقد عرفت أنه باطل، فقد خالف فيه جماعة من أهل العلم.

قال الصنعانيّ - رحمه الله -: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم، وهل يكره؟ قيل: نعم؛ لأن قول الصحابة: وقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، يقضي بالإهلال من هذه المواقيت، ويقضي بنفي النقص، والزيادة، فإن لم تكن الزيادة محرّمة، فلا أقلّ من أن يكون تركها أفضل، ولولا ما قيل من الإجماع بجواز ذلك لقلنا بتحريمه؛ لأدلّة التوقيت.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرفت فيما سبق أن ادّعاء الإجماع غير صحيح، فتنبّه.

قال: ولأن الزيادة على المقدّرات، من المشروعات، كأعداد الصلاة، ورمي الجمار، لا تُشرع؛ كالنقص منها، وإنما لم نجزم بتحريم ذلك؛ لما ذكرنا من الإجماع؛ ولأنه روي عن عدّة من الصحابة تقديم الإحرام على الميقات، فأحرم ابن عمر من بيت المقدس، وأحرم أنس من العقيق، وأحرم ابن عبّاس من الشام، وأهلّ عمران بن حصين من البصرة، وأهلّ ابن مسعود من القادسيّة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاستدلال من الصنعاني عجيب،