المواقيت قبل إسلام أهلها؛ إشارة إلى أنهم سيدخلون في الإسلام، وأنهم سيحجّون، فيضطرّون إلى مواقيت ينشؤون منها الإحرام، فجاء الأمر كما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم -.
٨ - (ومنها): أنه يؤخذ منه أن من سافر غير قاصد للنسك، فجاوز الميقات، ثم بدا له بعد ذلك النسك أنه يُحرِم من حيث تجدّد له القصد، ولا يرجع إلى الميقات؛ لقوله:"فمن حيث أنشأ".
٩ - (ومنها): أنه استدلّ به ابن حزم - رحمه الله - على أن من ليس له ميقات، فميقاته من حيث شاء، قال في "الفتح": ولا دلالة فيه؛ لأنه يختصّ بمن دون الميقات؛ أي: إلى جهة مكة. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لولا أثر عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - عنه في تحديد ذات عرق بمحاذاة الميقات، لكان لما قاله ابن حزم وجه، لكن الحقّ هو ما عليه الجمهور؛ لما ذُكر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم تقديم الإحرام على المواقيت المذكورة:
ذهب الجمهور إلى أن تقديم الإحرام على هذه المواقيت جائز، وإن كان خلاف الأولى، بل ادَّعَى ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك، ولكن يردّه وجود الخلاف فيه، كما سيأتي.
وذهبت طائفة إلى أن التقديم لا يجوز، نقل ذلك عن إسحاق، وداود، وابن حزم، وغيرهم، وهو مذهب البخاريّ.
قال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب فرض مواقيت الحجّ والعمرة".
١٥٢٢ - حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا زُهير، قال: حدثني زيد بن جُبَير، أنه أتى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في منزله، وله فُسطاط، وسُرادق، فسألتُهُ من أين يجوز أن أعتمر؟ قال:"فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأهل نجد قرنًا، ولأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة".
قال الحافظ - رحمه الله -: ومعنى فرض: قدّر، وأوجب، وهو ظاهر نصّ