للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بلدك تقصد له، ليس أن تحرم بها من أهلك، قال أحمد: كان سفيان يفسّره بهذا، وكذلك فسره به أحمد، ولا يصحّ أن يفسّر بنفس الإحرام، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم، وقد أمرهم الله تعالى بإتمام العمرة، فلو حمل على ذلك لكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه تاركين لأمر الله، ثم إن عمر وعليًّا ما كانا يُحرمان إلا من الميقات، أفتراهما يريان أن ذلك ليس بإتمام لها، ويفعلانه؟ هذا لا ينبغي أن يتوهّمه أحد، ولذلك أنكر عمر على عمران إحرامه من البصرة، واشتد عليه. انتهى كلام ابن قدامة بتصرف، واختصار (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أما الحديث المذكور في الإحرام من بيت المقدس، فإنه ضعيف، لا يصلح لمعارضة الأحاديث الصحيحة؛ لتفرّد حُكيمة بنت أميّة الأخنسية به، قال عنها في "التقريب": مقبولة؛ أي لا بدّ لها من متابع، وليس لها متابع، والراوي عنها يحيى بن أبي سفيان قال عنه أبو حاتم: ليس بالمشهور.

وأعله المنذريّ في "مختصر سنن أبي داود" ٢/ ٢٨٥ بالاضطراب (٢)، قال: وقد اختلف الرواة في متنه، وإسناده اختلافًا كثيرًا، وكذا أعلّه الحافظ ابن كثير بالاضطراب (٣)، فلا يعارض أحاديث المواقيت الصحاح (٤).

قال الجامع: وعلى تقدير صحته فليس دليلًا على مسألتنا هذه، فإنه لم يقل: من أهلّ منها، وإنما قال: "الحجة منها أفضل إلخ"، وهذا لا يستلزم الإحرام منها، وإنما هو بيان لفضل الحجّة من تلك البلدة، فتنبّه.


(١) "المغني" ٥/ ٦٨.
(٢) هذا هو الصواب، وقد صحح الحديث في "الترغيب والترهيب" ٢/ ١١٩ و ١٢٠، قال: رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. وتصحيحه هذا غير صحيح؛ لما عرفت من اضطرابه، وجهالة حكيمة. فتنبّه. نبه على ذلك الشيخ الألباني في "الضعيفة" ١/ ٢٤٨ رقم ٢١١.
(٣) وأما تضعيف ابن قدامة له في "مغنيه" بابن أبي فُديك، وابن إسحاق، فليس كذلك، فإن الكلام فيهما لا يعلّ الحديث، فإنهما من رجال الصحيح، وإنما علة الحديث ما ذكرنا، فتنبّه.
(٤) راجع: "نيل الأوطار" ٤/ ٢٥٣.