للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩]، وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الآية [الأحزاب: ٣٦]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم مجاوزة الميقات من غير إحرام:

(اعلم): أنهم اختَلَفوا فيمن جاوز الميقات مريدًا للنسك، فلم يُحْرِم، فقال الجمهور: يأثم، ويلزمه دم، فأما لزوم الدم فبدليل غير هذا، وأما الإثم فلترك الواجب، وورد الحديث من طريق ابن عمر بلفظ: "فرضها"، وسيأتي بلفظ: "يُهِلّ"، وهو خبر بمعنى الأمر، والأمر لا يَرِدُ بلفظ الخبر، إلا إذا أريد تأكيده، وتأكيد الأمر للوجوب، وعند البخاريّ في "كتاب العلم" بلفظ: "من أين تأمرنا أن نُهِلّ؟ "، ويأتي للمصنّف من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل المدينة. . ." الحديث.

وذهب عطاء، والنخعيّ إلى عدم الوجوب، ومقابله قول سعيد بن جبير: لا يصحّ حجه، وبه قال ابن حزم.

وقال الجمهور: لو رجع إلى الميقات قبل التلبس بالنسك سقط عنه الدم، قال أبو حنيفة: بشرط أن يعود ملبيًا، ومالك: بشرط أن لا يَبْعُد، وأحمد: لا يسقط بشيء، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن مجاوزة الميقات من غير إحرام لمن أراد النسك لا يجوز؛ لمخالفته أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الوارد في الأحاديث الصحيحة، وأن ما ذهب إليه الجمهور من سقوط الدم عمن جاوز الميقات بغير إحرام، ثم رجع إلى الميقات هو الأرجح؛ لزوال السبب الموجب له، فتأمل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في ميقات أهل مكة للعمرة:


(١) "الفتح" ٥/ ٣٩٨.