للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[والرابع]: يكفر بتركها، وترك الزكاة فقط.

[والخامس]: يكفر بتركها وترك الزكاة، إذا قاتل الإمامَ عليها، دون ترك الصيام والحج، وهذه المسألة لها طرفان:

[أحدهما]: في إثبات الكفر الظاهر.

[والثاني]: في إثبات الكفر الباطن، فأما الطرف الثاني، فهو مبنيّ على مسألة كون الإيمان قولًا وعملًا كما تقدم، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنًا إيمانًا ثابتًا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدةً، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاةً، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع من السجود الكفار، كقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (٤٣)} [القلم: ٤٢، ٤٣]، وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما - رضي الله عنهم - في الحديث الطويل، حديث التجلي: أنه إذا تجلى تعالى لعباده يوم القيامة سَجَد له المؤمنون، وبقي ظهر من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة مثل الطبق، لا يستطيع السجود، فإذا كان هذا حال من سجد رياءً، فكيف حال من لم يسجد قط؟ وثبت أيضًا في "الصحيح": أن النار تأكل من ابن آدم كل شيء إلا موضع السجود، فإن الله حَرّم على النار أن تأكله، فعُلم أن من لم يكن يسجد لله تأكله النار كله، وكذلك ثبت في "الصحيح" أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِف أمته يوم القيامة غُرًّا محجلين من آثار الوضوء، فدلّ على أن من لم يكن غُرًّا محجلًا لم يعرفه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكون من أمته، وقوله تعالى: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨)} [المرسلات: ٤٦ - ٤٨]، وقوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (٢٣)} [الانشقاق: ٢٠ - ٢٣]، وكذلك قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)} [القيامة: ٣١، ٣٢]، وكذلك قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى