للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧)} [المدثر: ٤٢ - ٤٧]، فوصفه بترك الصلاة كما وصفه بترك التصديق، ووصفه بالتكذيب والتولي، والمتولي هو العاصي الممتنع من الطاعة، كما قال تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: ١٦]، وكذلك وصف أهل سقر بأنهم لم يكونوا من المصلين، وكذلك قرن التكذيب بالتولي في قوله: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦)} [العلق: ١١ - ١٦]، وأيضًا في القرآن علق الأُخُوَّة في الدين على نفس إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، كما عَلَّق ذلك على التوبة من الكفر فإذا انتَفَى ذلك انتفت الأُخوّة، وأيضًا فقد ثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"، وفي "المسند": "من ترك الصلاة مُتَعَمِّدًا فقد برئت منه الذمة"، وأيضًا فإن شعار المسلمين الصلاة، ولهذا يُعَبَّر عنهم بها، فيقال: اختَلَفَ أهل الصلاة، واختَلَف أهل القبلة، والمصنفون لمقالات المسلمين، يقولون: مقالات الإسلاميين، واختلاف المصلين، وفي "الصحيح": "من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم، له ما لنا، وعليه ما علينا"، وأمثال هذه النصوص كثيرة في الكتاب والسنة.

وأما الذين لم يُكَفِّروا بترك الصلاة ونحوها، فليست لهم حجة إلا وهي متناولة للجاحد، كتناولها للتارك، فما كان جوابهم عن الجاحد، كان جوابًا لهم عن التارك، مع أن النصوص عَلَّقَت الكفر بالتولي كما تقدم، وهذا مثل استدلالهم بالعمومات التي يحتج بها المرجئة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، أدخله الله الجنة"، ونحو ذلك من النصوص.

وأجود ما اعتمدوا عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمسُ صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليهنّ، كان له عند الله عهدٌ أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهنّ، لم يكن له عند الله عهدٌ، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة"، قالوا: فقد جعل غير المحافظ تحت المشيئة، والكافرُ لا يكون تحت المشيئة، ولا دلالة في هذا، فإن الوعد بالمحافظة عليها، والمحافظةُ فعلها في أوقاتها كما أُمِر،