للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نُهلّ؟ "، فأجابه، وكلّ جهة عيّنها في حديث ابن عمر كان من قبلها ناس مسلمون، بخلاف المشرق، والله أعلم. انتهى.

وقال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: روى مسلم في "صحيحه" عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يُسأل عن الْمُهلّ؟ فقال: سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث، وفيه: "ومهلّ أهل العراق من ذات عرق"، وقال النووي في "شرح مسلم": هو غير ثابت؛ لعدم جزمه برفعه.

وأما قول الدارقطنيّ: إنه حديث ضعيف؛ لأن العراق لم تكن فُتحت في زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكلامه في تضعيفه صحيح، ودليله ما ذكرته، وأما استدلاله لضعفه بعدم فتح العراق، ففاسد؛ لأنه لا يمتنع أن يُخبر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لعلمه بأنه سيفتح، ويكون ذلك من معجزات النبوّة، والإخبارِ بالمغيّبات المستقبلات، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل الشام الجحفة في جميع الأحاديث الصحيحة، ومعلوم أن الشام لم يكن فتح يومئذ، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بفتح الشام، واليمن، والعراق، وأنهم يأتون إليهنّ يبِسّون، والمدينة خيرٌ لهم، لو كانوا يعلمون، وأنه - عليه السلام - أخبر بأنه زُويت له مشارق الأرض، ومغاربها، وقال: سيبلغ ملك أمتي ما زُوي لي منها، وأنهم سيفتحون مصر، وهي أرض يُذكر فيها القيراط، وأن عيسى - عليه السلام - ينزل على المنارة البيضاء، شرقيَّ دمشق، وكلّ هذه الأحاديث في "الصحيح". انتهى.

وقال في "شرح المهذّب": إسناده صحيح، لكنه لم يجزم برفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا يثبت رفعه لمجرّد هذا، ورواه ابن ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد الْخُوزيّ بإسناده عن جابر، مرفوعًا بغير شكّ، بلفظ: "أهل المشرق"، لكن الْخُوزيّ ضعيف، لا يُحتجّ بروايته، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" عن جابر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بلا شكّ أيضًا، لكنه من رواية الحجّاج بن أرطاة، وهو ضعيف.

قال وليّ الدين: في قول النوويّ: "إن حديث جابر غير ثابت؛ لأنه لم يجزم برفعه" نظر، فإن قوله: "أحسبه" معناه أظنه، والظنّ في باب الرواية يتنزّل منزلة اليقين، فليس ذلك قادحًا في رفعه. وأيضًا فلو لم يصرّح برفعه، لا يقينًا، ولا ظنًّا، فهو منزّل منزلة المرفوع؛ لأن هذا لا يقال من قبل الرأي، وإنما