للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يُسألُ عن الْمُهَلّ، فقال: سمعت أحسبه رفع إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر، وأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" بلفظ: "فقال: سمعت أحسبه يريد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وقد أخرجه أحمد من رواية ابن لَهِيعة، وابنُ ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد كلاهما، عن أبي الزبير، فلم يشكّا في رفعه.

ووقع في حديث عائشة، وفي حديث الحارث بن عمرو السهميّ كلاهما عند أحمد، وأبي داود، والنسائيّ.

وهذا يدلّ على أن للحديث أصلًا، فلعلّ من قال: إنه غير منصوص لم يبلغه، أو رأى ضعف الحديث باعتبار أن كلّ طريق لا يخلو عن مقال، ولهذا قال ابن خزيمة: رُويت في ذات عرق أخبارٌ لا يثبت شيء منها عند أهل الحديث، وقال ابن المنذر: لم نجد في ذات عرق حديثًا ثابتًا. انتهى.

قال الحافظ: لكن الحديث بمجموع الطرق يَقْوَى كما ذكرنا.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الحافظ إنما هو بالنسبة لحديث جابر، وإلا فحديث عائشة - رضي الله عنها - الذي عند النسائيّ صحيح، لا كلام فيه، قال ابن حزم في "المحلّى" - بعد أن أخرج الحديث من طريق النسائيّ - ما نصّه: قال أبو محمد: هشام بن بهرام، ثقة، والمعافى ثقة، كان سفيان يسميه الياقة الحمراء، وباقيهم أشهر من ذلك. انتهى (١).

والحاصل أن حديث عائشة - رضي الله عنها - صحيح لا كلام عليه، والله تعالى أعلم.

قال الحافظ: وأما إعلال من أعلّه بأن العراق لم تكن فُتحت يومئذ، فقال ابن عبد البرّ: هي غفلة؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقّت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح، لكنه علم أنها ستفتح، فلا فرق في ذلك بين الشام والعراق. انتهى، وبهذا أجاب الماورديّ، وآخرون.

قال الحافظ: لكن يظهر لي أن مراد من قال: لم يكن العراق يومئذ؛ أي: لم يكن في تلك الجهة ناسٌ مسلمون، والسبب في قول ابن عمر ذلك، أنه روى الحديث بلفظ: "أن رجلًا قال: يا رسول الله، من أين تأمرنا أن


(١) راجع: "المحلّى" ٧/ ٧١.