(ومنها): أن العقيق ميقات لبعض العراقيين، وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، وقع ذلك في حديث لأنس عند الطبرانيّ، وإسناده ضعيف.
(ومنها): أن ذات عرق كانت أَوّلًا في موضع العقيق الآن، ثم حُوّلت، وقربت إلى مكة، فعلى هذا، فذات عرق، والعقيق شيء واحد. ويتعيّن الإحرام من العقيق، ولم يقل به أحد، وإنما قالوا: يستحبّ احتياطًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه التأويلات كلها لا حاجة إليها؛ لأن الحديث ضعيفٌ كما سبق، فلماذا هذه التأويلات المتكلّفة؟ والله المستعان.
قال: وحَكَى ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه كان يُحرم من الرَّبَذَة، وهو قول القاسم بن عبد الرحمن، وخُصيف الجزريّ، قال ابن المنذر: وهو أشبه في النظر، إن كانت ذات عرق غير منصوصة، وذلك أنها تُحاذي ذا الحليفة، وذات عرق بعدها، والحكم فيمن ليس له ميقات أن يحرم من أول ميقات يحاذيه، لكن لما سنّ عمر ذات عرق، وتبعه عليه الصحابة، واستمرّ عليه العمل، كان أولى بالاتباع. انتهى ما في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرف أن الصحيح توقيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذات عرق لأهل العراق، وأما عمر فلما لم يبلغه ذلك، اجتهد، فأصاب المنصوص، وقد كان - رضي الله عنه - موفّقًا في كثير من اجتهاداته، كما هو مشهور في "الصحيحين"، وغيرهما، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه آخر]: قال في "الفتح" أيضًا ما حاصله: استُدلّ بتحديد عمر - رضي الله عنه - ذات عرق على أن من ليس له ميقات أن عليه أن يحرم إذا حاذى ميقاتًا من هذه المواقيت الخمسة، ولا شكّ أنها محيطة بالحرم، فذو الحليفة شاميّة، ويلملم يمانية، فهي مقابلها، وإن كانت إحداهما أقرب إلى مكة من الأخرى، وقرن شرقيّة، والجحفة غربيّة، فهي مقابلها، وإن كانت إحداهما كذلك، وذات عرق تحاذي قرنًا، فعلى هذا فلا تخلو بقعة من بقاع الأرض من أن تحاذي