للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ بلفظ: "رَكِبَ راحلته حتى استوى على البيداء أَهَلّ"، وقد أزال الإشكال ما رواه أبو داود، والحاكم من طريق سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: عَجِبتُ لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلاله، فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنما كانت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة واحدة، فمن هنا اختلفوا، خرج - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا، فلما صلى في مسجد ذي الحليفة ركعتين، أوجب في مجلسه، فأَهَلّ بالحج حين فَرَغ منهما، فسمع ذلك منه قوم، فحَفِظُوه، ثم ركب، فلما استقلّت به راحلته أهلّ، وأدرك ذلك قومٌ لم يشهدوا في المرة الأولى، فسمعوه حين ذاك، فقالوا: إنما أهلّ حين استقلت به راحلته، ثم مضى، فلما علا شرف البيداء أهلّ، وأدرك ذلك قوم لم يشهدوه، فنَقَلَ كل واحد ما سمع، وإنما كان إهلاله في مصلاه، وأيمُ الله، ثم أهلّ ثانيًا وثالثًا.

وأخرجه الحاكم من وجه آخر من طريق عطاء، عن ابن عبّاس نحوه دون القصّة، فعلى هذا فكان إنكار ابن عمر على من يخص الإهلال بالقيام على شرف البيداء، وقد اتَّفَقَ فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك، وإنما الخلاف في الأفضل. انتهى (١).

قال الزرقانيّ - رحمه الله - بعد ذكر ما تقدّم ما نصّه: وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وإن زال به الإشكال، لكن فيه خُصَيف بن عبد الرحمن ضعيف عند الجمهور، ومحمد بن إسحاق الراوي عنه مدلِّس، وفيه مقال، وإن صرح بالتحديث، ولذا قال النوويّ، والمنذريّ: حديث ضعيف.

وعلى تسليم توثيق خُصيف وتلميذه، فقد عارضه حديث ابن عمر وأنس في "الصحيحين" وغيرهما أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أهلّ حين استوت به ناقته قائمةً. انتهى (٢)، وهو تعقّبٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح" ٤/ ٤٢١.
(٢) "شرح الزرقانيّ على الموطأ" ٢/ ٣٢٨.