للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متوجّهةً إلى مكةً، لا عقب الركعتين، قال النوويّ - رحمه الله - قوله في هذا الحديث: "حتى تنبعث به راحلته"، وفي الحديث السابق: "ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهلّ"، وفي الحديث الذي قبله: "كان إذا استوت به راحلته قائمةً عند مسجد ذي الحليفة أهلّ"، وفي رواية: "حين قام به بعيره"، وفي رواية: "يُهِلّ حين تستوي به راحلته قائمةً".

هذه الروايات كلها متفقة في المعنى، وانبعاثها هو: استواؤها قائمةً، وفيها دليل لمالك، والشافعيّ والجمهور، أن الأفضل أن يُحْرِم إذا انبعثت به راحلته.

وقال أبو حنيفة: يُحْرِم عقب الصلاة، وهو جالس قبل ركوب دابته، وقبل قيامه، وهو قول ضعيف للشافعيّ، وفيه حديث من رواية ابن عباس - رضي الله عنهما -، لكنه ضعيف. انتهى (١).

٢ - (ومنها): أن فيه بيان أن التلبية لا تتقدّم على الإحرام.

٣ - (ومنها): أن فيه جواز لبس النعال السّبتيّة، قال ابن عبد البرّ - رحمه الله -: لا أعلم خلافًا في جواز لبسها في غير المقابر، وأما في المقابر فقد جاء فيها النهي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وعن العلماء. انتهى.

٤ - (ومنها): ما قال أبو عمر - رحمه الله -: في هذا الحديث دليلٌ على أن الاختلاف في الأفعال والأقوال والمذاهب كان في الصحابة موجودًا، وهو عند العلماء أصحُّ ما يكون في الاختلاف، إذا كان بين الصحابة، وأما ما أجمع عليه الصحابة، واختَلَف فيه مَن بعدهم، فليس اختلافهم بشيء، وإنما وقع الاختلاف بين الصحابة والله أعلم في التأويل الْمُحْتَمِل فيما سمعوه، ورأوه، أو فيما انفرد بعلمه بعضهم دون بعض، أو فيما كان منه - صلى الله عليه وسلم - على طريق الإباحة في فعله لشيئين مختلفين. انتهى (٢).

٥ - (ومنها): ما قاله أبو عمر - رحمه الله - أيضًا: وفي هذا الحديث دليلٌ على أن الحجة عند الاختلاف السنّة، وإنها حجة على من خالفها، وليس من خالفها


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٩٤.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر ٢١/ ٧٥ - ٧٦.