للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لابن عمر: قد أهللت فينا إهلالًا مختلفًا، قال: أما أول عام الأول فأخذت بأخذ أهل بلدي، ثم نظرت فإذا أنا أَدْخُل على أهلي حرامًا، وأخرج حرامًا، وليس كذلك كنا نصنع، إنما كنا نُهِل ثم نُقبل على شأننا، قلت: فبأيّ ذلك نأخذ؟ قال: نُحرِم يوم التروية.

قال: وأخبرنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: إن شاء المكيّ ألا يحرم بالحج إلا يوم منى فعل، قال: وكذلك إن كان أهله دون الميقات إن شاء أهلّ من أهله، وإن شاء من الحرم. انتهى كلام ابن عبد البرّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من استعراض أقوال أهل العلم وأدلّتهم في هذه المسألة أن الأرجح هو مذهب ابن عمر - رضي الله عنهما - وجماعة، أنه لا يُحرم إلا حين تنبعث به راحلته، سواء كان مكيًّا أو آفاقيًّا؛ اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخير الهدي هدي محمدّ - صلى الله عليه وسلم -، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في استلام الأركان:

قال أبو عمر - رحمه الله -: السنة التي عليها جمهور الفقهاء أن الركنين اليمانيين يُستلمان دون غيرهما، وأما السلف فقد اختلفوا في ذلك، فرُوي عن جابر، وأنس، وابن الزبير، والحسن، والحسين، أنهم كانوا يستلمون الأركان كلها، وعن عروة مثل ذلك، واختُلِف عن معاوية، وابن عباس في ذلك، فقال أحدهما: ليس من البيت شيء مهجور، والصحيح عن ابن عباس أنه كان لا يستلم إلا الركنين الأسود واليمانيّ، وهما المعروفان باليمانيين، وهي السنة، وعلى ذلك جماعة الفقهاء، منهم مالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة، والثوريّ، والأوزاعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، والطبريّ.

وحجتهم حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المذكور في الباب، وما كان مثله عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن أرجح الأقوال قول من قال: لا يُستلم من الأركان إلا اليمانيان؛ لعدم ثبوته عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتبصّر،


(١) "التمهيد" ٢١/ ٨٦ - ٩٠.
(٢) "التمهيد" ٢١/ ٧٦ - ٧٧.