للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وآخرون غيره، وأنكر ثابت الضم على المحدثين، وقال: الصواب الكسر، والمراد بـ "حِرمه" الإحرام بالحجّ.

وفيه دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام، وأنه لا بأس باستدامته بعد الإحرام، وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام، وبهذا قال جماهير الصحابة، والتابعين، وجماهير المحدثين، والفقهاء، وقال آخرون بمنعه، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك، وترجيح الراجح بدليله، في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.

(وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ)؛ أي: لأجل إحلاله من إحرامه قبل أن يطوف طواف الإفاضة، وفي رواية عمرة: "ولحلّه قبل أن يُفِيض"، وللنسائيّ: "وحين يريد أن يزور البيت"، وله أيضًا: "ولحلّه بعدما يرمي جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت".

فتبيّن أن المراد طواف الإفاضة، ففيه دلالة لاستباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة، والحلق، وقبل الطواف، وبهذا قال جماهير العلماء إلا مالكًا، فإنه كرهه قبل طواف الإفاضة، وهو محجوج بهذا الحديث، وسيأتي تمام البحث في هذا في "المسألة الخامسة" - إن شاء الله تعالى -.

وقال في "الفتح": واستُدِلّ به على حل الطيب وغيره من محرمات الإحرام بعد رمي جمرة العقبة، ويستمر امتناع الجماع ومتعلقاته على الطواف بالبيت، وهو دال على أن للحج تحللين، فمن قال إن الحلق نسك كما هو قول الجمهور، وهو الصحيح عند الشافعية يوقف استعمال الطيب وغيره من المحرمات المذكورة عليه، ويؤخذ ذلك من كونه - صلى الله عليه وسلم - في حجته، رَمَى، ثم حَلَق، ثم طاف، فلولا أن الطيب بعد الرمي والحلق لما اقتصرت على الطواف في قولها: "قبل أن يطوف بالبيت".

قال النووي في "شرح المهذب": ظاهر كلام ابن المنذر وغيره أنه لم يقل بأن الحلق ليس بنسك إلا الشافعيّ، وهو في رواية عن أحمد، وحُكِي عن أبي يوسف (١).


(١) "الفتح" ٤/ ٤١٩.