للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ: ترجم البخاريّ بكون الحمار حيًّا، وليس في سياق الحديث تصريحٌ بذلك، وكذا نقلوا هذا التأويل عن مالك، وهو باطلٌ؛ لأن الروايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح. انتهى.

قال الحافظ: وإذا تأملت ما تقدّم لم يحسن إطلاق بطلان التأويل المذكور، ولا سيما في رواية الزهريّ التي هي عمدة هذا الباب، وقد قال الشافعيّ في "الأم": حديث مالك أن الصعب أهدى حمارًا أثبت من حديث من روى أنه أهدى لحم حمار، وقال الترمذيّ: روى بعض أصحاب الزهريّ في حديث الصعب: "لحم حمار وحش"، وهو غير محفوظ. انتهى (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

(وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ) جملة في محل نصب على الحال، من الفاعل، أو المفعول، و"الأبواء" - بفتح الهمزة، وسكون الموحّدة، وبالمدّ -: جبل من عمل الْفُرُع - بضم الفاء، وسكون الراء، بعدها مهملة - قيل: سمي الأبواء لوبائه على القلب، وقيل: لأن السيول تتبوّؤه؛ أي: تحمله.

وقال الفيّوميّ: و"الأبواء" على أفعال - بفتح الهمزة -: منزل بين مكة والمدينة، قريب من الجحفة، من جهة الشمال، دون مرحلة. انتهى.

(أَوْ بِوَدَّانَ) "أو" للشكّ من الراوي، وهو بفتح الواو، وتشديد الدال، آخره نون: موضع بقرب الجحفة، وفي حديث عمرو بن أميّة أنه كان بالجحفة، وودّان أقرب إلى الجحفة من الأبواء، فإن من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ثلاثة وعشرين ميلًا، ومن ودّان إلى الجحفة ثمانية أميال، وبالشك جزم أكثر الرواة، وجزم ابن إسحاق، وصالح بن كيسان، عن الزهريّ بودّان، وجزم معمر، وعبد الرحمن بن إسحاق، ومحمد بن عمرو بالأبواء.

قال الحافظ: والذي يظهر لي أن الشكّ فيه من ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ لأن الطبرانيّ أخرج الحديث من طريق عطاء عنه على الشكّ أيضًا. انتهى (٢).

[فائدة]: ودّان هذه قريةٌ من نواحي الفُرْع، بينها وبين الأبواء نحو من


(١) "الفتح" ٥/ ٩٦.
(٢) "الفتح" ٥/ ٩٦ - ٩٧.