للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثمانية أميال، قريبة من الجحفة، أكثر نُصَيب (١) من ذكرها في شعره، فقال لسليمان بن عبد الملك [من الطويل]:

أَقُولُ لِرَكْبٍ قَافِلِينَ عَشِيَّةً … قِفَا ذَاتَ أَوْشَالٍ وَمَوْلَاكَ قَارِبُ

قِفُوا خَبِّرُونِي عَنْ سُلَيْمَانَ إِنَّنِي … لِمَعْرُوفِهِ مِنْ آلِ وَدَّانَ رَاغِبُ

فَعَاجُوا فَأثْنَوْا بِالَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ … وَلَوْ سَكَتُوا أَثْنَتْ عَلَيْكَ الْحَقَائِبُ

(فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي: ردّ ذلك الحمار على الصعب بن جثّامة - رضي الله عنه - (قَالَ) الصعب (فَلَمَّا أَنْ) "أن" زائدة، كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} [العنكبوت: ٣٣] (٢). (رَأَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا فِي وَجْهِي) وفي رواية البخاريّ عن عبد الله بن يوسف، عن مالك: "فلما رأى ما في وجهه"، وفي رواية الليث، عن الزهريّ، عند الترمذيّ: "فلما رأى ما في وجهه من الكراهية"، وكذا لابن خزيمة من طريق ابن جريج المذكورة.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ) وفي رواية للبخاريّ من طريق شعيب، وابن جريج، عن الزهريّ: "ليس بنا ردٌّ عليك"، وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهريّ، عند الطبرانيّ: "إنا لم نردّه عليك كراهيةً له، ولكنا حُرُمٌ وفي رواية النسائيّ: "أما إنه لم نردّه عليك".

قال القاضي عياض - رحمه الله -: ضبطناه في الروايات "لم نردّه" بفتح الدال، وردّه محقّقو مشايخنا من أهل العربيّة، وقالوا: "لم نردُّهُ" بضم الدال، وهكذا وجدته بخطّ بعض الأشياخ أيضًا، وهو الصواب عندهم، على مذهب سيبويه في مثل هذا في المضاعف، إذا دخله الهاء أن يُضمّ ما قبلها في الأمر، ونحوه من المجزوم، مراعاة للواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها، لخفاء الهاء، فكأن ما قبلها ولي الواو، ولا يكون ما قبل الواو إلا مضمومًا، قال: وليس الفتح بغلط، بل ذكره ثعلب في "الفصيح". نعم تعقّبوه عليه بأنه ضعيف، وأوهم صنيعه أنه فصيح، وأجازوا أيضًا الكسر، وهو أضعف الأوجه.


(١) مصغّرًا، كزُبير: اسم شاعر، قاله في "القاموس" ١/ ١٣٣.
(٢) راجع: "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ٧٥.