للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بشهادتهما، مع أن المتيقّن أنه معصوم الدم قبل القتل، وإنما قُتل بغلبة الظنّ، وما سبق من أدلّة قتل تارك الصلاة كافٍ للعمل به؛ فتأمّل، والله تعالى أعلم.

واستدلّوا أيضًا بأدلّة أخرى عقليّة، لكنها مما لا يُلتفت إليها؛ لكونها في مقابلة النصوص السابقة.

وخلاصة القول أن قول من قال بقتل تارك الصلاة بعد استتابته هو الأرجح؛ لما سبق من الأدلّة (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في حكم من ترك شرطًا، أو رُكنًا من الصلاة عمدًا ذاكرًا:

قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى: وأما من أخلّ بشيء من شرائطها، وأركانها التي لا يسوغ فيها الخلاف، فهذا بمنزلة التارك لها، فيما ذكره أصحابنا، كما ثبت في حديث حذيفة - رضي الله عنه - (٢)، ولأن هذه الصلاة وجودها كعدمها في منع الاكتفاء بها، فأشبه من آمن ببعض الكتاب، وكفر ببعض. انتهى (٣).

وقال الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى: حكم ترك الوضوء والغسل من الجنابة، واستقبال القبلة، وسترة العورة حكم ترك الصلاة، وكذلك حكم ترك القيام للقادر عليه، وكذلك ترك الركوع والسجود، وإن ترك ركنًا أو شرطًا مختلفًا فيه، وهو يعتقد وجوبه، فقال ابن عقيل: حكمه حكم تارك الصلاة، ولا بأس أن نقول بوجوب قتله، وقال الشيخ أبو البركات ابن تيميّة: عليه الإعادة، ولا يُقتل من أجل ذلك بحال، قال ابن القيّم: فوجه قول ابن عقيل: أنه تارك للصلاة عند نفسه، وفي عقيدته، فصار كتارك الزكاة، والشرط المجمع


(١) وقد أجاد الشيخ الفاضل أبو الحسن المأربيّ في كتابه "سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة" وساق أدلّة الفريقين، وأطال في ذلك، فجزاه الله خير الجزاء.
(٢) أي حيث قال عندما رأى رجلًا يصلي صلاةً، ولا يتمّ ركوعها، ولا سجودها: "إن متّ على هذا متّ على غير الفطرة".
(٣) "شرح العمدة" ٢/ ٩٤.