للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحقّها"، متّفقٌ عليه، حيث لم تُذكر فيه الصلاة.

وأجيب بأن الصلاة والزكاة قد ثبت ذكرهما في روايات أخرى، في "الصحيحين"، فيُحمل المطلق على المقيّد، بل هذا من أدلّة الفريق الأول، كما لا يخفى على بصير.

(الثاني): حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا: "لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة (١) "، متّفق عليه.

وأجيب بأن هذا عامّ، يُخصّص بالأدلّة السابقة (٢).

وأجيب أيضًا بأن مفهوم العدد لا يُعمل به هنا؛ لثبوت أدلّة أخرى بقتل من عَمِل عَمَل قوم لوط، والمحارب، ونحوهما، وقد ثبتت أدلّة بقتل تارك الصلاة، وحمله بعضهم على أن التارك لدينه هو تارك الصلاة، وعدّه ابن القيّم من أدلّة من قال بقتل تارك الصلاة، بل من أقوى الأدلّة في ذلك (٣).

(الثالث): ما ذكره الإمام ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى من أن تارك الصلاة قد كان مؤمنًا عند الجميع بيقين، فلا يجب قتله إلا بيقين، ولا يقين مع الاختلاف، فالواجب القول بأقلّ ما قيل في ذلك، وهو الضرب والسجن، وأما القتل ففيه اختلاف، والحدود تدرأ بالشبهات. انتهى (٤).

وأجيب بأن من قتله بالأدلّة السابقة لم يقتله برأي ولا بهوى، والعمل بغلبة الظنّ معمول به في الشرع، والقول بأنه لا يُقتل إلا بيقين فيه توسّع؛ إذ ثبت في الشرع أنه لو شهد عدلان على قتل رجل لآخر، يقتل القاتل


(١) [فائدة]: الحكمة من قتل المرتدّ دون الكافر الأصليّ، أنه لو لم يُقتل لكان الداخل في الدين يخرج منه، فقتله حفظ لأهل الدين وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص، ويمنعهم من الخروج عنه، بخلاف من لم يدخل فيه، أفاده شيخ الإسلام رحمه الله تعالى. انظر: "مجموع الفتاوى" ٢٠/ ١٠٢.
(٢) قاله القرافي في "الذخيرة" ٢/ ٤٨٣، وصاحب "الشرح الكبير" ١/ ١٨٨.
(٣) انظر: "الصلاة" ص ٣٦.
(٤) "التمهيد" ٤/ ٢٤١ - ٢٤٢.