للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أرجح المذاهب عندي هو التفصيل الذي تقدم عن الجمهور، وهو أنه إن صاده الحلال لأجل المحرم، مُنِعَ، وما صاده لا لأجله، لم يُمْنَع؛ لأن فيه الجمع بين الأحاديث المختلفة في الباب.

قال في "الفتح": جمع الجمهور بين ما اختلف من هذه الأحاديث، بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه، ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الردّ محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم.

قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صِيد له إلا إذا كان محرمًا، فبيّن الشرط الأصليّ، وسكت عما عداه، فلم يدلّ على نفيه، وقد بيّنه في الأحاديث الأُخر.

قال الحافظ: ويؤيّد هذا الجمع حديث جابر - رضي الله عنه -، مرفوعًا: "صَيْدُ البرّ لكم حلال ما لم تصيدوه، أو يُصَدْ (١) لكم"، أخرجه الترمذيّ، وابن خزيمة (٢).

وفي رواية النسائيّ في حديث الصعب - رضي الله عنه -: "إنا حرم، لا نأكل الصيد"، فبيّن العلتين جميعًا، قاله في "الفتح".

والحاصل أن الأرجح تحريم لحم الصيد للمحرم إذا صاده الحلال له، وجوازه إذا لم يصده له، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تكملة]: لا يجوز للمحرم قتل الصيد إلا إن صال عليه، فقتله دفعًا، فيجوز، ولا ضمان عليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٨٤٦] (. . .) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَقُتَيْبَةُ، جَمِيعًا عَن اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ (ح) وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ،


(١) كذا وقع في "الكبرى" للنسائيّ، والمشهور في الرواية: "أو يصاد" بألف بعد الصاد، راجع: "شرحي على النسائيّ" ٢٤/ ٣٨٧.
(٢) لكن الحديث ضعيف، وقد بيّنت ذلك في "شرح النسائيّ" ٢٤/ ٣٨٥ برقم ٢٨٢٨، فراجعه.