والباقون ذُكروا في الباب، و"يحيى بن سعيد" هو: القطّان.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من سُباعيّات المصنف - رحمه الله -.
٢ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمدنيين، من ابن المنكدر، وابن جريج مكيّ، ويحيى بصريّ، وزهير بغداديّ.
٣ - (ومنها): أن فيه رواية صحابيّ، عن صحابيّ، وتابعي عن تابعيّ، والابن عن أبيه.
٤ - (ومنها): أن طلحة - رضي الله عنه - أحد العشرة المبشّرين بالجنة - رضي الله عنهم -، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ) عبد الرحمن بن عثمان - رضي الله عنه -، أنه (قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله) أحد العشرة - رضي الله عنه - (وَنَحْنُ حُرُمٌ) بضمّتين: جمع حَرَام، بمعنى محرم، والجملة في محل نصب على الحال (فَأُهدِيَ لَهُ طَيْرٌ) ببناء الفعل للمفعول، والضمير لطلحة - رضي الله عنه -، وفي نسخة:"فأُهدي لنا طير"(وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ) جملة حالية؛ أي: والحال أنه نائم (فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ) من ذلك الطير (وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ) أي: كفّ عن الأكل منه؛ لكونهم محرمين، وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فمنا من تورّع"؛ أي: كفّ ورَعًا؛ أي: لم يتوقّف جازمًا بالمنع، ولكنّه تردّد، وتخوّف، فتورّع، والوَرَعُ والرَّعَةُ: الانكفاف عما يريب. انتهى (١).
(فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ) - رضي الله عنه - من نومه (وَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ) أي: صوّب أكل من أكله، يقال: وفّقه الله توفيقًا: سدّده، قاله الفيّوميّ - رحمه الله -. (وَقَالَ) طلحة - رضي الله عنه -، مستدلًّا على تصويبه فعل من أكل (أَكَلْنَاهُ) أي: جنس الطير، فليس المراد أنهم أكلوا الذي أُهدي له في ذلك الوقت (مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي: ونحن محرمون، فهو حلال لكم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.