للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": قيل: "فاسق" صفة لـ "كلُّ"، وفي "يُقتلن" الضمير راجع إلى معنى "كلّ". انتهى (١).

(الثاني): سيأتي في الرواية الآتية: "خمسٌ فواسقُ، يُقتلن. . . إلخ"، قال النوويّ - رحمه الله -: هو بإضافة "خمس" لا بتنوينه، وجوّز ابن دقيق العيد الوجهين، وأشار إلى ترجيح الثاني، فإنه قال: رواية الإضافة تُشعر بالتخصيص، فيخالفها غيرها في الحكم من طريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى، فيُشعر بان الحكم المرتب على ذلك، وهو القتل مُعَلَّل بما جُعل وصفًا، وهو الفسق، فيدخل فيه كل فاسق من الدوابّ، ويؤيده رواية يونس التي في حديث الباب (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: الفسق لغة هو الخروج مطلقًا، وهو في لسان الشرع؛ اسم ذَمِّ؛ إذ هو خروج عن الطاعة، أو عن الحرمة، وتسميته - صلى الله عليه وسلم - هذه الخمس فواسق؛ لأنهن خرجن عن الحرمة التي لغيرهن من الحيوانات، لا سيما على المحرم، وفي الحرم، وفي الصلاة. ويَحْتَمِل أن يقال: سميت فواسق: لخروجهن عن جِحَرَتهن لإضرار بني آدم، وأذاهم. انتهى (٣).

وقال النووي وغيره: تسمية هذه الخمس فواسق تسمية صحيحةٌ جارية على وفق اللغة، فان أصل الفسق لغة الخروج، ومنه فَسَقَت الرَّطْبة: إذا خرجت عن قشرها، وقوله تعالى: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] أي: خرج، وسُمّي الرجل فاسقًا لخروجه عن طاعة ربه، فهو خروج مخصوص، وزعم ابن الأعرابيّ أنه لا يُعْرَف في كلام الجاهلية، ولا شعرهم فاسق، يعني بالمعنى الشرعيّ، وأما المعنى في وصف الدواب المذكورة بالفسق، فقيل: لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان في تحريم قتله، وقيل: في حل أكله؛ لقوله تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥]، وقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١]، وقيل: لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد، وعدم الانتفاع، ومن ثَمَّ اختَلَفَ أهل الفتوى، فمن قال


(١) "الفتح" ٥/ ١٠٢.
(٢) "الفتح" ٥/ ١٠٢.
(٣) "المفهم" ٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥.