ألحق بالكلب العقور كل ما هو في معناه من نمر، وخنزير، ودبّ، وقرد، وغيرها؟ وذِكْر الذئب ذكره ابن عبد البرّ من طريق إسماعيل القاضي، حدثنا نصر بن عليّ، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجاج، عن وَبَرة، قال: سمعت ابن عمر يقول: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الذئب … " الحديث. قال القاضي إسماعيل: فإن كان محفوظًا، فإن ابن عمر جعل الذئب في هذا الموضع كلبًا عقورًا؛ أي: لذكره بدله، قال: وهذا غير ممتنع في اللغة، والمعنى.
ورواه البيهقيّ من رواية مالك بن يحيى، عن يزيد بن هارون، وفيه: قال يزيد بن هارون: يعني المحرم. ثم قال البيهقيّ: الحجاج بن أرطاة لا يحتجّ به، وقد رويناه من حديث ابن المسيب مرسلًا جيدًا، ثم رواه كذلك. وقال ابن عبد البرّ: وقول الأوزاعيّ، والثوريّ، والحسن بن حيّ نحو قول أبي حنيفة. انتهى.
ومحلّ المنع عند الحنفية فيما عدا الخمس، والذئب إذا لم تبدأه السباع، فإن بدأته، فقتلها دفعًا، فلا شيء عليه عندهم، إلا زفر، فإنه قال: يلزمه دم، وذكر الشيخ ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" أن المذكور في كتب الحنفية الاقتصار على الخمس، ونقل غير واحد من المصنفين المخالفين لأبي حنيفة أن أبا حنيفة ألحق الذئب بها، وعَدُّوا ذلك من مناقضاته، ثم قال: ومقتضى مذهب أبي حنيفة الذي حكيناه أنه لا يجوز اصطياد الأسد، والنمر، وما في معناها من بقية السباع العادية، والشافعية يردون هذا بظهور المعنى في المنصوص عليه من الخمس، وهو الأذى الطبيعيّ، والعدوان المركب في هذه الحيوانات، والمعنى إذا ظهر في المنصوص عليه عدّى القائسون ذلك الحكم إلى كل ما وجد فيه المعنى؛ كالستة التي في الربا، وقد وافق أبو حنيفة على التعدية فيها، وإن اختلف هو والشافعي في المعنى الذي يعدّى به. قال: وأقول: المذكورُ ثَمَّ تعليق الحكم بالألقاب، وهو لا يقتضي مفهومًا عند الجمهور، فالتعدية لا تنافي مقتضى اللفظ، وهنا لو عدّينا لبطلت فائدة التخصيص بالعدد، وعلى هذا المعنى عوّل بعض مصنفي الحنفية في التخصيص بالخمس المذكورات، أعني مفهوم العدد. انتهى.