للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قتل الصيد فقط، ولا نهى إلا عن صيد الحرم فقط، ولا جعل الجزاء إلا في الصيد فقط، فمن حَرَّمَ ما لم يأت النص بتحريمه، أو جعل جزاءً فيما لم يات النص بالجزاء فيه فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله.

ثم ناقش أدلة العلماء الذين تقدمت أقوالهم مناقشة حادَّة على عادته، وقد أجاد في ذلك بما لا تجده في غير كتابه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: بعد النظر فيما سبق من المذاهب وأدلتها قد ترجح عندي ما ذهب إليه أبو محمد بن حزم رَحِمَهُ اللهُ لقوة حجته.

وحاصله أن الصيد لا يجوز قتله، وهو الذي شُرع صيده للأكل، وأما غيره من أنواع السباع والهوام، والحشرات فيجوز قتله إلا إذا وُجِد نصّ خاص بمنع قتلها كالنحلة، والهدهد، والصَرد، ونحوها، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): [إن قلت]: فعلى القول بأن مفهوم العدد حجة ما جوابكم عن تخصيص هذه المذكورات بالذكر؟

[قلت]: قال الشيخ ابن دقيق العيد رَحِمَهُ اللهُ في "شرح العمدة": مَن علّل بالأذى إنما اختصّت بالذكر لينبّه بها على ما في معناها، وأنواع الأذى مختلفة، فيكون كل نوع منها منبّهًا على جواز قتل ما فيه ذلك النوع، فنبّه بالحية، والعقرب على ما يشاركهما في الأذى باللسع؛ كالبرغوث مثلًا عند بعضهم، ونبّه بالفأرة على ما أذاه بالنقب والتقريض؛ كابن عرس، ونبّه بالغراب، والحدأة على ما أذاه بالاختطاف؛ كالصقر، والبازي، ونبّه بالكلب العقور على كل عادٍ بالعقر، والافتراس بطبعه؛ كالأسد، والنمر، والفهد.

وأما من قال بالتعدية إلى كل ما لا يؤكل لحمه، فقد أحالوا التخصيص في الذكر بهذه الخمس على الغالب، فإنها الملابسات للناس، المخالطات في الدُّور، بحيث يعمّ أذاها، فكان ذلك سببًا للتخصيص، والتخصيص لأجل الغلبة إذا وقع لم يكن له مفهوم على ما عُرف في الأصول، إلا أن خصومهم جعلوا هذا المعنى معترضًا عليه في تعدية الحكم إلى بقية السباع المؤذية، وتقريره أن إلحاق المسكوت بالمنطوق قياسًا شرطه مساواة الفرع للأصل، أو رجحانه، أما إذا انفرد الأصل بزيادة يمكن أن تعتبر فلا إلحاق، ولما كانت هذه الأشياء