للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وما فعله خارجًا، ثم لجأ إليه، إن كان إتلاف نفس لم يُقَم عليه في الحرم، بل يُضَيَّق عليه، ولا يُكلّم، ولا يُجالَس، ولا يبايع، حتى يضطرّ إلى الخروج منه، فيقام خارجه، وما كان دون النفس يقام فيه، قال القاضي عياض: رُوي عن ابن عباس، وعطاء، والشعبيّ، والحكم نحوه، لكنهم لم يفرّقوا بين النفس، ودونها، وحجتهم قول الله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧].

وحجة الأولين هذه الأحاديث لمشاركة فاعل الجناية لهذه الدوابّ في اسم الفسق، بل فسقه أفحش؛ لكونه مكلَّفًا؛ ولأن التضييق الذي ذكروه لا يبقى لصاحبه أمان، فقد خالفوا ظاهر ما فسّروا به الآية.

قال القاضي: ومعنى الآية عندنا، وعند أكثر المفسّرين أنه إخبار كما كان قبل الإسلام، وعطف على ما قبله من الآيات، وقيل: آمِنٌ من النار.

وقالت طائفة: يخرج، ويقام عليه الحدّ، وهو قول ابن الزبير، والحسن، ومجاهد، وحماد. انتهى.

وقال الشيخ ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" بعد ذكر هذا الاستدلال: وهذا عندي قويّ، ليس بالهين، وفيه غور، فليتنبّه له. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن مذهب الأولين هو الأرجح؛ لقوة دليله، كما أشار إليه ابن دقيق العيد رَحِمَهُ اللهُ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رَحِمَهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٨٦٢] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ (ح) وَحَدَّثنا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا").

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

١ - (قَتَادَةُ) بن دِعامة السدوسيّ، أبو الخطّاب البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ، من كبار [٤] (ت ١١٧) أو بعدها (ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٧٠.