للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن المنذر: لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب، وقال نافع لما قيل له: فالحية؟ قال: لا يختلف فيها. وفي رواية: ومن يشكّ فيها؟

وتعقبه ابن عبد البرّ بما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق شعبة أنه سأل الحكم، وحمادًا؟ فقالا: لا يقتل المحرم الحية، ولا العقرب، قال: ومن حجتهما أنهما من هوامّ الأرض، فيلزم من أباح قتلهما مثل ذلك في سائر الهوامّ، وهذا اعتلال لا معنى له، نعم عند المالكية خلاف في قتل صغير الحية، والعقرب التي لا تتمكن من الأذى. انتهى (١).

وقال وليّ الدين رَحِمَهُ اللهُ: في أكثر الروايات ذكر العقرب، وفي بعضها، وهو عند مسلم ذكر الحية بدلها، وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود، وحديث أبي سعيد عند أبي داود، وابن ماجه الجمع بينهما، وفي "الصحيحين" من حديث عبد الله بن مسعود الأمر بقتل الحية في غار المرسلات، وذلك في منى، وهي من الحرم، وكانوا محرمين، ففي "سنن النسائي" أن ذلك كان ليلة عرفة، وفي "صحيح مسلم" عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَر محرمًا بقتل حية بمنى، وفي "سنن البيهقيّ" أيضًا عنه قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "يَقْتُل المحرم الحية"، وهي أولى بالأمر بالقتل من العقرب، فكأنه نَبَّه في الرواية المشهورة بالعقرب على الحية من طريق الأولى.

وقال ابن المنذر: لا نعلمهم اختلفوا في ذلك. انتهى.

وتقدم عند المالكية خلاف في قتل ما صَغُر من الحيات والعقارب، بحيث إنه لا يمكن منه الأذى، ولم يذكر غيرهم هذا الخلاف.

وروى البيهقيّ في "سننه" عن أيوب، قلت لنافع: الحية؟ قال: الحية لا يُختلف فيها، وأصله في "صحيح مسلم"، إلا أنه لم يَسُقْ لفظه، وذكره ابن عبد البر بلفظ: "قال: الحية لا يختلف في قتلها"، ثم قال ابن عبد البر: ليس كما قال نافع، وقد اختَلَف العلماء في جواز قتل الحية للمحرم، لكنه شذوذ، ثم حكى عن الحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، أنهما قالا: لا يقتل المحرم الحية، ولا العقرب، رواه شعبة عنهما، قال: ومن حجتهما أن هذين


(١) "الفتح" ٥/ ١٠٥ - ١٠٦.