أي: اذبح شاة، وعلى الثاني التقدير: تقرب بشاة، إذ النسك يطلق على العبادة، وعلى الذبح المخصوص.
وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "انسك نسيكةً"، وفي رواية:"ما تيسر"، وفي رواية:"شاةً": الجميع بمعنى واحد، وهو شاة، وشرطها أن تجزئ في الأضحية، ويقال للشاة وغيرها مما يجزئ في الأضحية: نسيكةٌ، ويقال: نَسَكَ يَنسُك، وَينسِك، بضم السين وكسرها في المضارع، والضم أشهر. انتهى (١).
وقال في "الفتح": وفيه أن المراد بالنسك المذكورة في الآية في قوله تعالى: {أَو نُسُكٍ} شاةٌ، وروى الطبري من طريق مغيرة، عن مجاهد في آخر هذا الحديث:"فأنزل الله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ} الآية [البقرة: ١٩٦]، والنسك شاة"، ومن طريق محمد بن كعب القرظيّ، عن كعب:"أمرني أن أحلق، وأفتدي بشاة".
قال القاضي عياض، ومن تبعه، تبعًا لأبي عمر بن عبد البرّ: كلّ من ذكر النسك في هذا الحديث مفسّرًا، فإنما ذكروا شاةً، وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء.
قال الحافظ: يَعْكُر عليه ما أخرجه أبو داود من طريق نافع، عن رجل من الأنصار، عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - "أنه أصابه أذى، فحلق، فأمره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُهدي بقرة"، وللطبراني من طريق عبد الوهاب بن بُخْت، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"حلق كعب بن عجرة رأسه، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفتدي، فافتدى ببقرة"، ولعبد بن حُميد من طريق أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"افتدى كعب من أذى كان برأسه، فحلقه ببقرة، قلّدها، وأشعرها"، ولسعيد بن منصور من طريق ابن أبي ليلى، عن نافع، عن سليمان بن يسار:"قيل لابن كعب بن عجرة: ما صنع أبوك حين أصابه الأذى في رأسه؟ قال: ذبح بقرة".
فهذه الطرف كلها تدور على نافع، وقد اختلف عليه في الواسطة الذي بينه