للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللغة أعمّ من مجرّد التصديق، وأن العمل داخل في مسمّاه (١)، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) السائل (ثُمَّ مَاذَا؟) أي ثمّ بعد الإيمان ما هو الأفضل؟ (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ") "الجهاد" بالكسر: مصدر جاهد يُجاهد جهادًا، ومجاهدَةً، وهو من الْجَهْد بالفتح، وهو المشقّة، وهو قتال الكفّار لإعلاء كلمة الله تعالى.

و"السبيل": الطريق، يُذكّر، ويؤنّث.

ووقع في "مسند الحارث بن أبي أُسامة"، عن إبراهيم بن سعد: "ثم جهادٌ"، فواخى بين الثلاثة في التنكير، بخلاف ما عند "الصحيحين"، وقال الكرمانيّ: الإيمان لا يتكرر كالحجّ، والجهادُ قد يتكرر، فالتنوين للإفراد الشخصيّ، والتعريف للكمال؛ إذ الجهاد لو أَتَى به مرّة مع الاحتياج إلى التكرار لَمَا كان أفضل.

وتُعُقِّب عليه بأن التنكير من جملة وجوهه التعظيمُ، وهو يعطي الكمال، وبأن التعريف من جملة وجوهه العهدُ وهو يعطي الإفراد الشخصيّ، فلا يُسَلَّمُ الفرق (٢).

وقال الطيبيّ: قوله: "إيمان بالله، والجهاد، وحجّ مبرور" أخبار مبتدأ محذوف، ونكّر الإيمان؛ ليُشعر بالتعظيم والتفخيم، أي التصديق المقارن بالإخلاص المستتبع للأعمال الصالحة، وعَرَّفَ الجهاد؛ ليدلّ على الكمال؛ لأن الخبر المعرَّفَ باللام يدلّ على الاختصاص، كما قال: "فذالكم الرباط،


(١) راجع: "مجموع الفتاوى" ٧/ ١١٧ و ١١٨ و ١٢١ و ١٤٣ و ١٨٦ و ١٨٩ و ٢٨٩، و"شرح العقيدة الطحاوية" ص ٣٣١ - ٣٣٤.
(٢) واعترض الحافظ على الفرق المذكور، فقال: وقد ظهر من رواية الحارث التي تقدّمت أن التنكير والتعريف فيه من تصرف الرواة؛ لأن مخرجه واحد، فالإطالة في طلب الفرق في مثل هذا غير طائلة. راجع: "الفتح" ١/ ٩٩.
وتعقّبه العينيّ على عادته المُسْتَمِرَّة، فإن شئت فراجع: "عمدته" ١/ ١٨٨ - ١٨٩، وقد ذكرت في "شرح النسائي" ما يؤيّد رأي الحافظ في هذا، فراجعه ٢٣/ ٣٠٨.