(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ) أي: فعل الحجامة، قال في "اللسان": الحَجْم: المصّ، يقال: حَجَمَ الصبيُّ ثديَ أمه: إذا مصّه، وما حَجَمَ الصبيّ ثدي أمه؛ أي: ما مصّه، وثديٌ محجوم؛ أي: ممصوص، والحجّام: المصّاص، قال الأزهريّ: يقال للحجّام حجام؛ لامتصاصه فم الْمِحجمة، وقد حَجَم يحجِمُ، ويحجُم - أي: من بابي ضرب، ونصر - حَجْمًا، قال الأزهريّ: المِحجمة: قارورته، وتطرح الهاء، فيقال: مِحجَمٌ، وجمعه مَحَاجم، قال زُهَيرٌ:
وَلَمْ يُهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ
وقال ابن الأثير: المِحْجَم الآلة التي يجمع فيها دم الحجامة عند المصّ. انتهى باختصار. (وَهُوَ مُحْرِمٌ) جملة في محل نصب على الحال من الفاعل، زاد ابن جريج، عن عطاء:"صائم بِلَحْي جَمَلٍ"، وزاد زكريا بن إسحاق:"على رأسه"، وهذه الزيادات موافقة لحديث اَبن بُحينة التالي، بلفظ:"احتجم بطريق مكة وسط رأسه".
[تنبيه]: روى البخاريّ رحمه الله هذا الحديث، ونصّه:
(١٨٣٥) - حدّثنا عليّ بن عبد الله، حدّثنا سفيان، قال: قال لنا عمرو: أولُ شيء سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو محرم، ثم سمعته يقول: حدّثني طاوس، عن ابن عباس، فقلت: لعله سمعه منهما. انتهى.
قال في "الفتح": قوله: "قال لنا عمرو: أولُ شيء" أي: أول مرة، في رواية الحميديّ، عن سفيان: حدّثنا عمرو، وهو ابن دينار، أخرجه أبو نعيم، وأبو عوانة، من طريقه.
وقوله:"ثم سمعته" هو مقول سفيان، والضمير لعمرو، وكذا قوله:"فقلت: لعله سمعه"، وقد بَيَّنَ ذلك الحميديّ، عن سفيان، فقال: حدّثنا بهذا الحديث عمرو مرتين، فذكره، لكن قال: فلا أدري أسمعه منهما، أو كانت إحدى الروايتين وَهَمًا، زاد أبو عوانة: قال سفيان: ذُكر لي أنه سمعه منهما جميعًا، وأخرجه ابن خزيمة، عن عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، نحو