للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاجة، فإن تضمنت قلع شعر، فهي حرام؛ لتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه، فهي جائزة عندنا، وعند الجمهور، ولا فدية فيها، وعن ابن عمر، ومالك كراهتها، وعن الحسن البصريّ: فيها الفدية، دليلنا أن إخراج الدم ليس حرامًا في الإحرام.

وفي هذا الحديث بيان قاعدة من مسائل الإحرام، وهي أن الحلق واللباس وقتل الصيد ونحو ذلك من المحرمات يباح للحاجة، وعليه الفدية، كمن احتاج إلى حلق أو لباس لمرض أو حرّ أو برد، أو قتل صيد للحاجة، وغير ذلك. انتهى (١).

وقال في "الفتح": إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قطع شعر، فهي حرام؛ لقطع الشعر، وإن لم تتضمنه جازت عند الجمهور، وكرهها مالك، وعن الحسن: فيها الفدية، وإن لم يقطع شعرًا، وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر، وتجب الفدية، وخصّ أهل الظاهر الفدية بشعر الرأس، وقال الداوديّ: إذا أمكن مسك المحاجم بغير حلق لم يجز الحلق.

واستُدِلّ بهذا الحديث على جواز الفصد، وبطّ الجرح (٢) والدّمّل، وقطع العرق، وقلع الضرس، وغير ذلك من وجوه التداوي، إذا لم يكن في ذلك ارتكاب ما نُهي عنه المحرم من تناول الطيب، وقطع الشعر، ولا فدية عليه في شيء من ذلك. انتهى، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٨٨٦] (١٢٠٣) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْأَعْرَجِ، عَن ابْنِ بُحَيْنَةَ: أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ بِطَرِيقِ مَكَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَسَطَ رَأسِهِ).


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٢٣.
(٢) يقال: بطّ الجُرحَ: إذا شقه. "ق".