للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قال شَمِر: هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، كما قال تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]، ومنه بَرَّت يَمِينُهُ: إذا سَلِمَ من الحنث، وبَرَّ بيعُهُ: إذا سَلِمَ من الخِدَاع، والخلابة، وقيل: المبرور الْمُتَقَبَّلُ، وقال الحربيّ: بُرَّ حَجُّك بضم الباء، وبَرَّ الله حَجَّك بفتحها: إذا رجع مبرورًا مأجورًا، وفي الحديث: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بِرُّ الحجّ؟ قال: "إطعامُ الطعام، وطيب الكلام" (١)، فعلى هذا يكون من البرّ الذي هو فعل الجميل، ومنه بِرُّ الوالدين والمؤمنين، قال: ويكون أيضًا في هذا كلّه بمعنى الطاعة، ويكون بمعنى الصدق، وضدّ الفجور، ومنه بَرَّت يمينه، فيكون الحجّ المبرور الصادق الخالص لله تعالى على هذا. انتهى كلام القاضي (٢).

وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى: الحجّ المبرور هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، وقيل: هو المقبول المقابَلُ بالبرّ، وهو الثواب، يقال: بَرَّ حَجُّهُ - أي بفتح الباء - وبُرَّ حَجُّهُ - أي بضمّها - وبَرّ الله حَجَّهُ، وأبرّه بِرًّا بالكسر، وإبرارًا. انتهى (٣).

وقال الفيّوميّ رحمه الله تعالى: البرّ بالكسر: الخير والفضل، وبَرَّ الرجُلُ يَبَرُّ بِرًّا، وزانُ عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا، فهو بَرَّ بالفتح، وبارٌّ أيضًا: أي صادقٌ، أو تقيٌّ، وهو خلاف الفاجر، وجمع الأوّل أبرار، وجمع الثاني بَرَرَةٌ، مثلُ كافرٍ وكَفَرَةٍ، ومنه قوله للمؤذّن: "صَدَقْتَ، وبَرِرْتَ" (٤) أي صدّقتَ في دعواك إلى


(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٨٣ وقال: صحيح الإسناد؛ إلا أنهما لم يحتجّا بأيوب بن سُويد، ولم يُخرجاه، وقال الذهبيّ: صحيح. انتهى.
لكن في سنده أيوب بن سُويد ضعفه الجمهور، وذكره الهيثميّ في "المجمع" ٣/ ٢٠٧، وعزاه إلى الطبرانيّ في "الأوسط"، وقال: إسناده حسن. انتهى. وأخرجه أحمد في "مسنده" (٣/ ٣٢٥ - ٣٣٤) وفي سنده محمد بن ثابت البنانيّ، وهو ضعيف.
قال الجامع: تصحيح هذا الحديث، أو تحسينه محلّ نظر، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٤٠١ - ٤٠٣.
(٣) "النهاية" ١/ ١١٧.
(٤) هذا يذكره الفقهاء أثرًا عند قول المؤذّن: "الصلاة خير من النوم"، ولا يصحّ فيه حديث، كما سيأتي إيضاحه في محلّه - إن شاء الله تعالى -.