للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطاعات، وصِرْتَ بارًّا، دُعاءٌ له بذلك، ودعاء له بالقبول، والأصلُ: بَرَّ عَمَلُك، وبَرِرتُ والدي أَبَرُّهُ بِرًّا، وبُرُورًا: أحسنت الطاعة إليه، ورَفَقْتُ به، وتحرّيتُ مَحابّه، وتَوَقَيتُ مكارهه، وبَرَّ الحجُّ واليمينُ، والقول بِرًّا أيضًا، فهو بَرّ وبارّ أيضًا، ويُستَعْمَلُ متعدّيًا أيضًا في الحجّ، وبالحرف في اليمين والقول، فيقال: بَرَّ الله تعالى الحَجّ يَبَرُّهُ بُرُورًا: أي قَبِلَهُ، وبَرِرْتُ في القول واليمين أَبَرُّ فيهما بُرُورًا أيضًا: إذا صَدَقْتُ فيهما، فأنا بَرٌّ وبارٌّ، وفي لغة - يتعدّى بالهمزة، فيقال: أبرّ الله تعالى الحجَّ، وأبررتُ القولَ واليمينَ. انتهى (١).

[فإن قلت]: قول من قال: "المبرور الْمُتَقَبَّل" فيه إشكال؛ إذ لا اطّلاع لأحد على القبول.

[أجيب]: بأنه يُعرف بعلاماته، فقد قيل: من علامات القبول الإتيان بجميع أركانه، وواجباته، مع إخلاص النيّة، واجتناب ما نُهي عنه، وأن يزداد بعده خيرًا، فيكون حاله أحسن مما كان قبله (٢)، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَفي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ) يعني أن شيخه محمد بن جعفر خالف منصور بن أبي مُزاحم في سياق هذا الحديث فـ (قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللهِ) تعالى (وَرَسُولِهِ") - صلى الله عليه وسلم -، فزاد "ورسوله"، هذا من حيث اللفظ، وأما من حيث المعنى فلا اختلاف بين روايتيهما؛ لأن الإيمان بالله تعالى مستلزم للإيمان برسوله - صلى الله عليه وسلم -، ووافق محمدًا على الزيادة أحمد بن يونس، وموسى بن إسماعيل عند البخاريّ، فقد رواه عنهما، عن إبراهيم بن سعد، بسند المصنّف، فقالا: "إيمان بالله ورسوله"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "المصباح المنير" ١/ ٤٣ - ٤٤.
(٢) راجع: "شرح النوويّ" ٢/ ٧٥، و"عمدة القاري" ١/ ١٨٨، و"الكاشف عن حقائق السنن" للطيبيّ ٦/ ١٩٣٨.