للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[النجم: ٣٩]، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث"، وليس هذا منها، فينبغي أن ينقطع عمله بالموت.

وأجيب بأن تكفينه في ثوبي إحرامه، وتبقيته على هيئة إحرامه من عمل الحيّ بعده، كغسله، والصلاة عليه، فلا معنى لما ذكره.

وقال ابن المنيّر رحمه الله في "الحاشية": وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الشهداء: "زمّلوهم بدمائهم" مع قوله: "والله أعلم بمن يُكلم في سبيله"، فعمّم الحكم في الظاهر، بناء على ظاهر السبب، فينبغي أن يُعمّم الحكم في كلّ محرم، وبين المجاهد والمحرم جامعٌ؛ لأن كلّا منهما في سبيل الله.

وقد اعتذر الداوديّ عن مالك، فقال: لم يبلغه هذا الحديث.

وأورد بعضهم أنه لو كان إحرامه باقيًا، لوجب أن يكمّل به المناسك، ولا قائل به.

وأجيب بأن ذلك ورد على خلاف الأصل، فيقتصر به على مورد النصّ، ولا سيّما وقد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام؛ كاستبقاء دم الشهيد. انتهى ما قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أكثر هذه الأقوال آراء ساقطة؛ لأنها في مقابلة النصّ، واحتجاجٌ على المنقول بالمعقول، وأحسن ما يُعتذر به عن الأئمة كمالك، ونحوه هو ما قاله الداوديّ، وهو أنه لم يبلغهم النصّ، وإلا لما خالفوه مع وضوحه.

والحاصل أن الصواب العمل بما دلّ عليه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المذكور في الباب، فلا يُخمّر رأس المحرم الميت، ولا وجهه، ولا يحنّط، وأنه بأن على إحرامه، وأن العلة هي الإحرام، وهي عامة في كل محرم، والأصل أن ما ثبت لشخص في زمنه - صلى الله عليه وسلم - ثابت لغيره حتى يدلّ الدليل على خلافه، ولم يثبت خلافه، كيف، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يبعث كلّ عبد على ما مات عليه" رواه مسلم، وهذا عام في كل صورة ومعنى، فاقتضى ذلك تعلق هذا الحكم على الإحرام حيث مات محرمًا، فيعمّ كل محرم، كيف والتلبية من لوازم الإحرام، والعمل بالحديث مقدم على القياس، وهو متعين.

ولقد أجاد من قال، وأحسن في المقال [من الوافر]: