٧ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من شدّة اهتمامه بتعليم أمته كلّ خير، وحثّها عليه.
٨ - (ومنها): أن هذا السؤال ليس مما يشمله النهي الوارد في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}[المائدة: ١٠١] الآية؛ وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال"، متّفقٌ عليه؛ لأن هذا من مهمات أمور الدين، والنهي إنما ورد في السؤال الذي لا فائدة فيه، أو لا علاقة له بالدين، كسؤال من أبي؟، وأين أبي؟، وأين أنا أفي الجنّة، أم في النار؟، ونحو ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في التوفيق بين الأحاديث المختلفة في جواب السؤال عن أفضل الأعمال:
قال النوويّ رحمه الله تعالى: قد يُستَشكَل الجمع بينها، مع ما جاء في معناها من حيث إنه جَعَلَ في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الأفضل الإيمان بالله، ثم الجهاد، ثم الحج، وفي حديث أبي ذَرّ - رضي الله عنه - الإيمان والجهاد، وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الصلاة، ثم بِرُّ الوالدين، ثم الجهاد، وتقدم في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أيُّ الإسلام خير؟ قال:"تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عَرَفتَ ومن لم تعرف"، وفي حديث أبي موسى، وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم -: أيُّ المسلمين خير؟ قال:"مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده"، وصح في حديث عثمان - رضي الله عنه -: "خيرُكم مَن تَعَلَّم القرآن وعلمه"، وأمثالُ هذا في "الصحيح" كثيرة.
واختلف العلماء في الجمع بينها، فذكر الإمام الجليل، أبو عبد الله الْحَلِيميّ الشافعيّ عن شيخه الإمام العلامة المتقن، أبي بكر القَفّال الشاشيّ الكبير - وهو غير القَفّال الصغير المروزيّ المذكور في كتب متأخري أصحابنا الخراسانيين، قال الحليميّ: وكان القَفَّال أعلم مَن لقيته من علماء عصره - أنه جَمَعَ بينها بوجهين:
[أحدهما]: أن ذلك اختلاف جواب جَرَى على حسب اختلاف الأحوال والأشخاص، فإنه قد يقال: خير الأشياء كذا، ولا يراد به خيرُ جميع الأشياء من جميع الوجوه، وفي جميع الأحوال والأشخاص، بل في حال دون حال،