للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو نحو ذلك، واستشهد في ذلك بأخبار، منها: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "حجةٌ لمن لم يَحُجَّ أفضل من أربعين غزوة، وغزوةٌ لمن حَجَّ أفضل من أربعين حجة" (١).

[الوجه الثاني]: أنه يجوز أن يكون المراد من أفضل الأعمال كذا، أو من خيرها، أو من خيركم مَن فَعَل كذا، فحُذِفت "مِنْ"، وهي مرادة، كما يقال: فلان أعقل الناس وأفضلهم، ويراد أنه من أعقلهم وأفضلهم.

ومن ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُكم خيرُكم لأهله" (٢)، ومعلوم أنه لا يصير ذلك خير الناس مطلقًا.

ومن ذلك قولهم: أزهد الناس في العالم جيرانه، وقد يوجد في غيرهم من هو أزهد منهم فيه: هذا كلام القَفّال رحمه الله تعالى.

وعلى هذا الوجه الثاني يكون الإيمان أفضلها مطلقًا، والباقيات متساوية في كونها من أفضل الأعمال والأحوال، ثم يُعْرَف فضل بعضها على بعض بدلائل تدل عليها، وتختلف باختلاف الأحوال والأشخاص.

[فإن قيل]: فقد جاء في بعض هذه الروايات: أفضلها كذا، ثم كذا بحرف "ثم"، وهي موضوعة للترتيب.

[فالجواب]: أن "ثم" هنا للترتيب في الذكر، كما قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٢ - ١٦]، ومعلوم أنه ليس


(١) حديث ضعيف جدًّا، أخرجه أبو نُعيم في "الحلية" ٥/ ١٨٨ من حديث ابن عمر مرفوعًا، وفي سنده محمد بن عمر الكلاعيّ، وهو منكر الحديث جدًّا، وفيه انقطاع أيضًا، وأخرجه البزار في "مسنده" ٢/ ٢٥٨ و ١٦٥١ من حديث ابن عباس مرفوعًا بنحوه، وفي سنده عنبسة بن هبيرة مجهول، وقد أجاد الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" ٧/ ٤٧٩ رقم (٣٤٨١) فراجعه تستفد.
(٢) أخرجه الترمذيّ في "الجامع" (٣٨٩٥) بسند صحيح، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، وإذا مات صاحبكم فَدَعُوه"، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وأخرجه أبو داود في "سننه" (٤٢٥٣)، والدارميّ في "سننه" (٢١٦).